تشهد أسعار الذهب العالمية موجة من الارتفاعات القوية منذ مطلع العام، مدفوعة بجملة من العوامل الاقتصادية والمالية التي عززت جاذبية المعدن النفيس كملاذ آمن، في ظل تقلبات الأسواق العالمية وتزايد التوقعات بتوجه مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي نحو خفض أسعار الفائدة.
وفي تعاملات اليوم الأربعاء، واصل الذهب تداولاته فوق المستوى النفسي المهم عند 3600 دولار للأونصة، محققًا مكاسب إضافية وسط معنويات إيجابية في السوق وتوقعات قوية بأن السياسة النقدية الأمريكية ستدخل مرحلة تيسيرية جديدة.

أسعار الذهب العالمية
ارتفع الذهب الفوري بنسبة 0.5% ليصل إلى 3644.54 دولارًا للأونصة، بعدما لامس أمس الثلاثاء مستوى قياسيًا جديدًا عند 3673.95 دولارًا.
أما العقود الأمريكية الآجلة للذهب تسليم ديسمبر، فاستقرت عند 3683 دولارًا، ما يعكس حالة من التماسك والطلب القوي على المعدن الأصفر.
محللون: التوقعات تدعم الأسعار
قال كايل رودا، محلل الأسواق في “كابيتال دوت كوم”، إن المعنويات إيجابية للغاية، وهناك عوامل رئيسية عدة تقف وراء ارتفاع الذهب، أبرزها الرهانات المتزايدة على خفض الفائدة الأمريكية.
وأكد أن بيانات التضخم المرتقبة ستحدد اتجاه الذهب على المدى القريب، مشيرًا إلى أن أرقامًا أعلى من المتوقع قد تؤدي إلى تقليص التوقعات بخفض الفائدة وتدفع لتصحيح فني في سوق “مُبالغ في شرائه”.
بيانات اقتصادية أمريكية مؤثرة
يترقب المستثمرون صدور بيانات مؤشر أسعار المنتجين في الولايات المتحدة اليوم، يعقبها غدًا بيانات التضخم الاستهلاكي، باعتبارها مؤشرات أساسية لفهم مسار السياسة النقدية.
كما كشفت بيانات رسمية أن الاقتصاد الأمريكي أوجد 911 ألف وظيفة أقل خلال الـ12 شهرًا المنتهية في مارس مقارنة بالتقديرات السابقة، وهو ما يعكس ضعف سوق العمل، خاصة قبل تطبيق الرئيس دونالد ترامب رسومًا جمركية واسعة على الواردات.
سياسة الفيدرالي تحت المجهر
أظهر تقرير الوظائف غير الزراعية الأخير صورة أوضح للتباطؤ الاقتصادي، مؤكّدًا الحاجة إلى خفض أسعار الفائدة في اجتماع الفيدرالي المقبل. وتشير أداة “فيد ووتش” التابعة لمجموعة CME إلى أن الأسواق تسعّر بالكامل خفضًا بواقع 25 نقطة أساس، مع احتمالية تقارب 6% لخفض أكبر يصل إلى 50 نقطة أساس.
الذهب في عامين.. قفزات قياسية
حقق الذهب مكاسب استثنائية خلال العامين الماضيين، إذ ارتفع بنسبة 27% في 2024، ثم قفز 38% منذ بداية 2025.
ويعود هذا الأداء القوي إلى ضعف الدولار، وزيادة مشتريات البنوك المركزية، والسياسات النقدية التيسيرية، فضلًا عن تصاعد حالة عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي عالميًا وبصفته أصلًا لا يدر عوائد، فإن الذهب يميل للتألق في بيئة أسعار الفائدة المنخفضة.
المعادن النفيسة الأخرى
لم يكن الذهب وحده في دائرة الصعود، إذ ارتفعت الفضة الفورية 0.6% لتصل إلى 41.14 دولارًا للأونصة، وصعد البلاتين 1.1% إلى 1383.90 دولارًا، فيما استقر البلاديوم عند 1147.98 دولارًا، ما يعكس موجة صعود عامة في سوق المعادن النفيسة.