تشهد السياسة النقدية الأمريكية مرحلة دقيقة تتسم بتزايد الضغوط الاقتصادية وتداخل الحسابات السياسية، خاصة مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي.
وفي هذا السياق، أصدر بنك أستراليا الوطني (NAB) تقريرًا حديثًا توقّع فيه أن يبدأ مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي دورة تيسير نقدي اعتبارًا من سبتمبر المقبل، بعد سنوات من اتباع نهج متشدد لمواجهة التضخم.
ويأتي هذا التوجه في ظل تحديات مركبة تتعلق بارتفاع الأسعار وتباطؤ النمو وتراجع التوظيف، إلى جانب حساسية الوضع السياسي في عام انتخابي.
بداية دورة التيسير النقدي في سبتمبر
بحسب التقرير، من المنتظر أن يقوم الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة لأول مرة في سبتمبر 2025، بواقع 25 نقطة أساس، لتكون هذه الخطوة إشارة لانطلاق دورة خفض تدريجية وحذرة تهدف إلى موازنة استقرار الأسعار مع دعم سوق العمل.
خفض تدريجي حتى 2026
أوضح بنك أستراليا الوطني أن إجمالي التخفيضات المتوقعة سيصل إلى 125 نقطة أساس بحلول نهاية 2026. حيث يُرجّح أن يشمل:
- خفضًا إضافيًا بواقع 50 نقطة أساس في 2025.
- ثم خفضًا آخر بواقع 75 نقطة أساس في 2026.
وبذلك، قد يستقر سعر الفائدة المستهدف في نطاق يتراوح بين 3.00% و3.25%، وهو المستوى الذي يعتبره صانعو السياسة النقدية قريبًا من المعدل الحيادي الذي لا يضر النمو الاقتصادي ولا يغذّي التضخم.
التضخم والبطالة.. معادلة معقدة
يرى التقرير أن الفيدرالي يواجه تحديًا مزدوجًا فمن جهة، لا تزال معدلات التضخم مرتفعة وتشكل خطرًا على استقرار الأسعار.
ومن جهة أخرى، فإن تراجع التوظيف وتزايد البطالة يشكلان ضغطًا معاكسًا يستدعي تخفيف السياسة النقدية لتفادي ركود اقتصادي محتمل.
السياسة والاقتصاد.. توازن محفوف بالمخاطر
أكد “NAB” أن البعد السياسي يزيد من تعقيد الصورة، إذ أن الخلافات المتنامية بين البيت الأبيض والفيدرالي حول مسار الفائدة تلقي بظلال من الشك على القرارات المقبلة. ويبدو أن فترة الانتخابات ستجعل من سياسة الفيدرالي موضوعًا حساسًا، ما يزيد من حالة الضبابية وعدم اليقين.
انعكاسات عالمية متوقعة
أشار التقرير إلى أن مسار الفائدة الأمريكية سيظل عرضة لمستويات مرتفعة من عدم اليقين خلال العامين المقبلين، وهو ما قد ينعكس بشكل مباشر على قرارات المستثمرين وحركة أسواق المال العالمية، في ظل ترقب كبير من جانب الاقتصادات الدولية لما سيسفر عنه كل اجتماع للفيدرالي الأمريكي.