في إطار سعي الدولة لتعزيز الشفافية وتوسيع مشاركة المواطنين في صياغة السياسات المالية، أصدرت وزارة المالية الإصدار الثاني عشر من تقرير “موازنة المواطن” للعام المالي 2025-2026.
ويأتي هذا التقرير كأداة توعوية مهمة تسعى إلى تبسيط أرقام وأهداف الموازنة العامة، وربطها باحتياجات المواطن اليومية، بما يعكس توجه الدولة نحو تعزيز الثقة المتبادلة بين الحكومة والمجتمع.
وقد أكد الدكتور أحمد كجوك، نائب وزير المالية، أن الموازنة الجديدة تمثل موازنة النمو والاستقرار والشراكة مع مجتمع الأعمال، مشيرًا إلى أنها ليست مجرد خطة مالية، بل رؤية متكاملة تستهدف تحسين مستوى معيشة المصريين، ودعم القطاعات الاقتصادية والخدمية الأكثر ارتباطًا بحياة المواطنين.
تقوية الوضع المالي والاقتصادي
أكد كجوك أن الهدف الرئيسي للموازنة الجديدة هو تقوية الوضع المالي والاقتصادي الداخلي من خلال دعم القطاع الخاص وزيادة شبكة الحماية الاجتماعية والتنمية البشرية.
وشدد على أن كل جنيه ينفق من الموازنة هو رسالة دعم للمواطن المصري، ويترجم في صورة مشروعات خدمية وصحية وتعليمية، باعتبار التعليم والصحة استثمارًا في الحاضر والمستقبل.
كما أشار إلى أن الفترة المقبلة ستشهد إطلاق حزمة تسهيلات ضريبية جديدة للممولين، بما يسهم في زيادة النشاط الاقتصادي ويعزز الثقة والشراكة مع مجتمع الأعمال.
تخفيف حدة التضخم وحماية الفئات الأكثر احتياجًا
أوضح كجوك أن الموازنة تستهدف تخفيف آثار التضخم من خلال تعزيز برامج الحماية الاجتماعية الأكثر استهدافًا للفئات المستحقة للدعم، مع رفع كفاءة الإنفاق العام بما يتماشى مع أولويات المواطنين، ويضمن عدالة توزيع ثمار التنمية وتحسين جودة الخدمات.
كما تركز الموازنة على توفير الدعم الكافي للقطاعات المتأثرة والفئات الأكثر احتياجًا لضمان استمرارية النشاط الاقتصادي وتحقيق الاستقرار المجتمعي.
تعزيز العدالة الاجتماعية وزيادة المخصصات
من جانبه، أوضح ياسر صبحي، نائب الوزير للسياسات المالية، أن الموازنة تهدف إلى تحقيق التوازن بين الاستقرار المالي ودفع النشاط الاقتصادي عبر تمكين القطاع الخاص، مع استمرار خفض الدين العام.
وأكد أن المخصصات المالية للدعم والمنح والمزايا الاجتماعية بلغت 742.6 مليار جنيه، موزعة على عدة مجالات، منها 150 مليار جنيه لدعم المواد البترولية والكهرباء، و160 مليار جنيه للسلع التموينية، و54 مليارًا لمعاش الضمان الاجتماعي وتكافل وكرامة، و13.6 مليارًا للإسكان الاجتماعي، و3.5 مليار جنيه لدعم توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.
كما تم تخصيص 5.9 مليار جنيه لدعم التأمين الصحي للطلاب والمرأة المعيلة والأطفال والتأمين الصحي الشامل، وزيادة مخصصات الأدوية إلى 21.9 مليار جنيه، مع الاستمرار في دعم المبادرات الصحية وبناء المستشفيات والمشروعات الخدمية الجديدة، بما يعكس أولويات الحكومة في خدمة المواطن.
دعم التعليم والتغذية المدرسية
شدد صبحي على أهمية برامج التغذية المدرسية كأداة فعّالة لتحسين الحالة الصحية للتلاميذ وزيادة معدلات الحضور والانخراط في التعليم، خاصة في المناطق الريفية. وأوضح أن هذه البرامج تنفذ بالتنسيق بين وزارات التعليم والصحة والتضامن الاجتماعي، وبالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي، مما أسهم في تحسين المؤشرات الصحية والتعليمية في مصر.
إشراك المجتمع والشباب في صياغة الموازنة
من جانبها، أكدت سارة عيد، مستشار وزير المالية لشؤون الشفافية والمشاركة المجتمعية، أن الوزارة تسعى إلى تعزيز مشاركة الشباب في صياغة رؤية الحكومة وأولويات السياسات المالية عبر تقرير موازنة المواطن، الذي يشكل حلقة وصل بين المواطن ومتخذ القرار.
كما أطلقت الوزارة مسابقة على وسائل التواصل الاجتماعي لتشجيع الشباب من مختلف المحافظات على المشاركة في إعداد التقرير، بما يعزز مبدأ الموازنة التشاركية.
وأشارت إلى أن النموذج الوطني للموازنة التشاركية يطبق حاليًا في ست محافظات بعد نجاحه في الفيوم والإسكندرية، ويهدف إلى الاستماع لاحتياجات المجتمع المحلي وتحويلها إلى خطط واضحة ومخصصات مالية تعكس مبادئ العدالة، ما يسهم في إعداد موازنة عادلة وشفافة.
نحو اقتصاد قوي ومتوازن
أكد كجوك في ختام كلمته أن الهدف الأساسي من الموازنة هو بناء اقتصاد قوي ومتوازن بالتعاون مع المواطنين، قائلًا: “معًا نبني اقتصادًا قويًا متوازنًا”، في إشارة إلى أن نجاح الموازنة مرهون بتكاتف الجهود بين الحكومة والمجتمع لضمان تحقيق التنمية المستدامة وتحسين جودة حياة المواطنين.