يتجه مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، اليوم الأربعاء، لاتخاذ خطوة محورية بخفض أسعار الفائدة للمرة الأولى هذا العام، في محاولة لدعم سوق العمل الذي يشهد تباطؤًا ملحوظًا، وسط ضغوط مستمرة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمطالبة بـ”خفض كبير” في الفائدة.
ويأتي هذا القرار في ظل ظروف سياسية استثنائية تحيط بتشكيلة لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية، بعد تعيين حاكم جديد وإبقاء حاكمة أخرى في منصبها بقرار قضائي، الأمر الذي أثار جدلًا واسعًا حول استقلالية البنك الفيدرالي عن البيت الأبيض.
ويترقب المستثمرون تصريحات رئيس البنك، جيروم باول، وتحليل التوقعات الاقتصادية الجديدة للحصول على مؤشرات حول مستقبل السياسة النقدية في الأشهر المقبلة، خاصة مع استمرار المخاوف من التضخم وتأثير الرسوم الجمركية على الأسعار النهائية.
خفض الفائدة لدعم سوق العمل
يأتي خفض الفائدة المتوقع بعد فترة من الحياد بسبب المخاوف من التضخم، حيث يرى المسؤولون أن تدهور سوق العمل يستدعي تحركًا لدعم النشاط الاقتصادي ومنع الدخول في ركود محتمل. وأوضح كبير الاقتصاديين الأمريكيين في بنك أوف أمريكا، أديتيا بهافي، أن كل خفض للفائدة يصبح أصعب من الذي سبقه ما لم تظهر بيانات سوق العمل إشارات واضحة على التدهور.
التركيبة السياسية للفيدرالي وتأثيرها
شهدت لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية تغييرات مهمة قبل الاجتماع، حيث تم تنصيب ستيفن ميران، الحليف السابق لترامب، للمشاركة في الاجتماع رغم الجدل حول استمراره في منصب حكومي آخر بإجازة غير مدفوعة. وفي المقابل، حصلت الحاكمة ليزا كوك على حكم قضائي مؤقت يسمح لها بالبقاء في منصبها رغم محاولات ترامب لإقالتها، في خطوة قد تؤثر على موازين القوى داخل اللجنة. وتؤكد كبيرة الاقتصاديين في “ناشنوايد”، كاثي بوستجانسيك، أن وجود كوك أو غيابها لن يغير كثيرًا في المسار القصير الأمد للفائدة، لكن نجاح ترامب في استبدالها قد يترك أثرًا طويل الأمد على السياسة النقدية حتى ما بعد 2038.
استقلالية البنك الفيدرالي على المحك
من المتوقع أن يواجه جيروم باول أسئلة حادة حول مدى استقلالية البنك الفيدرالي عن البيت الأبيض، خاصة مع اقتراب نهاية ولايته في مايو المقبل واحتمالية تعيين رئيس جديد للبنك من قبل ترامب.
كما يثير استمرار ميران في العمل الحكومي بالتوازي مع منصبه في الفيدرالي تساؤلات حول تضارب المصالح.
خلافات محتملة داخل لجنة السياسة النقدية
تشير التوقعات إلى وجود معارضة داخل اللجنة بشأن وتيرة خفض الفائدة، حيث يدعم بعض الأعضاء خفضًا أكبر من ربع نقطة أساس، بينما يفضل آخرون إبقاء الفائدة كما هي خوفًا من تسارع التضخم.
وإذا اعترض ثلاثة مسؤولين على القرار، فستكون هذه أول مرة منذ سبتمبر 2019 يتجاوز فيها عدد المعارضين اثنين.
التوقعات الاقتصادية الجديدة
تظهر استطلاعات الاقتصاديين أن البنك الفيدرالي قد يخفض الفائدة مرتين خلال 2025، مع احتمالية خفض إضافي في أكتوبر أو ديسمبر، بينما يرى نحو 40% من الخبراء أن الخفض قد يصل إلى ثلاث مرات خلال العام. وتشير التوقعات إلى استمرار التضخم أعلى من الهدف الرسمي للبنك، ما يجعل أي خفض إضافي للفائدة محل جدل واسع بين صانعي السياسة النقدية.