في واقعة هزّت الرأي العام المصري وأثارت حالة من الجدل داخل الأوساط السياسية والثقافية، تصدّرت قضية سرقة إسوارة الملك أمنمؤوبي من داخل المتحف المصري بالتحرير المشهد الإعلامي والبرلماني على السواء. فالجريمة لم تكن مجرد حادثة سرقة عابرة، بل مثلت ضربة قوية لسمعة مصر الدولية كحاضنة لأهم كنوز الحضارة الإنسانية.
وسارعت الأوساط البرلمانية إلى تقديم أسئلة عاجلة لرئيس الحكومة ووزير السياحة والآثار، مطالبة بتفسير واضح لما حدث ومحاسبة المسؤولين عن الخلل الأمني والإداري الذي سمح بتسرب قطعة أثرية نادرة من مكان يفترض أنه الأكثر تحصينًا وحماية.
أسئلة عاجلة في البرلمان
قدّم عدد من أعضاء مجلس النواب أسئلة برلمانية عاجلة للمستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، لتوجيهها إلى الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الحكومة، والوزير شريف فتحي وزير السياحة والآثار.
ووصفت النائبة سناء السعيد الحادثة بأنها “جريمة مؤسفة تمس سمعة مصر وحضارتها”، مشيرة إلى أن ما حدث يكشف عن إهمال جسيم في منظومة الحماية بالمتحف المصري، الذي يُفترض أنه مجهز بأحدث وسائل المراقبة والتأمين.
خلل في منظومة الحماية
وشددت النائبة السعيد على أن ما وقع يثير علامات استفهام خطيرة حول كفاءة منظومة الرقابة داخل المتحف، مؤكدة أن الأمر لا يقتصر على خطأ فردي بل يتعلق بمنظومة كاملة يجب محاسبة قياداتها ومسؤوليها. وأضافت أن تكرار مثل هذه الحوادث يعكس خللًا لا يمكن السكوت عنه، متسائلة: “كيف يمكن أن تقع مثل هذه الجريمة في ظل وجود كاميرات مراقبة وأنظمة تفتيش متعددة؟ ولصالح مَن يتم التفريط في تراث مصر وحضارتها؟”.
تفاصيل عملية السرقة
بحسب بيان وزارة الداخلية، تم اكتشاف واقعة السرقة يوم 13 سبتمبر بعد بلاغ من وكيل المتحف. وتبيّن أن المشتبه بها أخصائية ترميم بالمتحف استغلت وجودها في الموقع وقامت بسرقة الإسوارة يوم 9 سبتمبر بأسلوب المغافلة.
ثم تواصلت مع صاحب محل فضيات بالسيدة زينب، الذي باع القطعة لمالك ورشة ذهب بالصاغة مقابل 180 ألف جنيه وباعها مالك الورشة بدوره لعامل بمسبك ذهب بسعر 194 ألف جنيه، الذي قام بصهر الإسوارة ضمن مصوغات أخرى، ما أدى إلى فقدانها قيمتها الأثرية نهائيًا.
دعوات لتقييم شامل لأنظمة التأمين
من جانبها، قالت الدكتورة مها عبد الناصر، عضو مجلس النواب، إن الحادثة تثير تساؤلات جوهرية حول كفاءة أنظمة التأمين والرقابة في المتحف المصري، مشيرة إلى أن الموقع يعد مركزًا رئيسيًا للخبرة الترميمية والأرشيفية داخل مصر. وأضافت أن أي خلل أمني أو إداري فيه يثير القلق على سلامة باقي المواقع والمخازن الأثرية.
أسئلة حول أنظمة الحصر والتوثيق
طرحت عبد الناصر مجموعة من الأسئلة الهامة: هل أنظمة الحصر والتوثيق المعمول بها إلكترونية شاملة تسمح بتتبع كل قطعة بدقة؟ هل تجرى مراجعات دورية مستقلة لهذه الأنظمة؟ وهل توجد خطط لتطويرها بما يتواكب مع افتتاح المتحف المصري الكبير؟ كما شددت على ضرورة التأكد من كفاءة كاميرات المراقبة والاحتفاظ بسجلاتها، وتطبيق بروتوكولات تحقق متعددة المستويات خلال عمليات النقل والترميم، وتدريب العاملين لرفع وعيهم بخطورة أي تقصير أو تواطؤ.
كارثة وطنية تستلزم محاسبة
اختتمت النائبة سناء السعيد تصريحاتها بالتأكيد على أن الواقعة تمثل “كارثة وطنية” تستوجب محاسبة المسؤولين عن الإهمال الجسيم الذي سمح بوقوعها، مطالبة الحكومة بتقديم إجابات واضحة للرأي العام حول أوجه القصور وخططها لمنع تكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل.