في خطوة تعكس التوجه نحو تعزيز التكامل بين أطراف سوق المال المصري، عقدت البورصة المصرية اجتماعًا موسعًا أمس مع قيادات شركات الوساطة في الأوراق المالية، برئاسة الدكتور إسلام عزام رئيس البورصة، وبحضور نائبه الأستاذ محمد صبري، وجاء اللقاء ضمن استراتيجية البورصة الرامية إلى توسيع قنوات الحوار المجتمعي وتعزيز الشراكة مع الشركات الفاعلة في قطاع الوساطة، باعتبارها أحد أهم الأعمدة في منظومة سوق المال.

وخلال الاجتماع، عرضت إدارة البورصة مجموعة من التطورات التشريعية والتنظيمية المنتظر تطبيقها خلال الفترة المقبلة، بالتنسيق مع الهيئة العامة للرقابة المالية، وذلك في إطار خطة متكاملة تهدف إلى رفع كفاءة البنية التحتية للسوق وزيادة جاذبيته للاستثمار المحلي والأجنبي.
محاور التطوير.. المشتقات المالية والـ “شورت سيلينج”
أوضح البيان الصادر عن البورصة أن الاجتماع تناول بالتفصيل أبرز الملفات التي يجري العمل عليها في الفترة القادمة، وفي مقدمتها تفعيل سوق المشتقات المالية، التي تعد إحدى الأدوات الحديثة لإدارة المخاطر وتنويع فرص الاستثمار. كما تم استعراض خطة تفعيل آلية بيع الأوراق المالية المقترضة “Short Selling”، والتي من شأنها أن تمنح المستثمرين فرصًا أوسع للتعامل مع الأدوات الاستثمارية المختلفة، بما يعزز من عمق السوق وكفاءته.
وأشار رئيس البورصة إلى أن هذه الآليات الجديدة ستتيح للمستثمرين مرونة أكبر في إدارة محافظهم الاستثمارية، وستسهم في خلق بيئة أكثر تنافسية، مؤكدًا أن تطبيق مثل هذه الأدوات يحتاج إلى تعاون وثيق بين شركات الوساطة والبنية التنظيمية للبورصة والرقابة المالية.
صانع السوق ومزود السيولة.. نحو زيادة عمق السوق
خصص الاجتماع مساحة كبيرة لمناقشة الدور المحوري لكل من صانع السوق “Market Maker” ومزود السيولة “Liquidity Provider”، باعتبارهما من أهم الأدوات المساندة لرفع معدلات التداول اليومية. وأوضح الدكتور عزام أن تفعيل هذه الأدوار سيؤدي إلى زيادة مستويات السيولة المتاحة وتحقيق استقرار أكبر في الأسعار، وهو ما يعزز ثقة المستثمرين ويحفزهم على زيادة حجم استثماراتهم.
كما لفت إلى أن تطوير البنية المؤسسية للسوق لا يقتصر فقط على الأدوات المالية، بل يمتد ليشمل تعزيز آليات الرقابة والإفصاح والشفافية، بما يتوافق مع المعايير الدولية ويضمن حماية حقوق المستثمرين.
من جانبه، أكد رئيس البورصة أن شركات الوساطة تمثل ركيزة أساسية في منظومة سوق المال المصري، مشددًا على أن نجاح أي خطط مستقبلية لتطوير السوق يعتمد بالدرجة الأولى على التعاون المستمر مع هذه الشركات التي تلعب دور الوسيط المباشر بين البورصة والمستثمرين.
وأضاف أن البورصة تسعى إلى تنويع الأدوات والآليات الاستثمارية بما يساهم في رفع كفاءة السوق وزيادة جاذبيته أمام مختلف شرائح المستثمرين، مشيرًا إلى أن الفترة القادمة ستشهد إطلاق حملات ترويجية واسعة لتشجيع الاستثمار وزيادة معدلات القيد بالبورصة المصرية.
كما كشف عزام أن إدارة البورصة تعمل على تنفيذ خطة شاملة لنشر الثقافة المالية، تستهدف مختلف الفئات المجتمعية، من الأفراد والمستثمرين الجدد إلى المؤسسات المالية، وذلك لتعزيز الوعي بأهمية الاستثمار في سوق المال كأداة للادخار طويل الأجل وتحقيق التنمية الاقتصادية.
واختتم الاجتماع بالتأكيد على أن المرحلة المقبلة ستشهد مزيدًا من التنسيق والتعاون بين البورصة والهيئة العامة للرقابة المالية، إلى جانب شركات الوساطة وباقي الأطراف ذات الصلة، بما يضمن تحقيق نقلة نوعية في أداء السوق المصري، وترسيخ مكانته كأحد أهم الأسواق المالية في المنطقة.