شهدت أسعار الذهب العالمية قفزة تاريخية خلال تعاملات اليوم الإثنين، حيث سجل الذهب الفوري أعلى مستوى في تاريخه عند 3814 دولارًا للأوقية، مدعومًا بموجة مكاسب قوية في المعادن الثمينة.
ويأتي هذا الارتفاع اللافت وسط حالة من القلق والترقب التي تسود الأسواق العالمية، مع اقتراب موعد انتهاء تمويل الحكومة الفيدرالية الأمريكية واحتمال إغلاقها، وهو ما قد يؤثر على صدور بيانات الوظائف الأمريكية التي تمثل مؤشرًا رئيسيًا لقرارات السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي.
وتعكس هذه التطورات توجه المستثمرين نحو الملاذات الآمنة، خاصة مع ارتفاع الذهب بأكثر من 40% منذ بداية العام مدفوعًا بعمليات شراء واسعة من البنوك المركزية حول العالم، وتزايد توقعات خفض أسعار الفائدة الأمريكية خلال الفترة المقبلة. كما تستفيد أسعار المعادن الأخرى مثل الفضة والبلاتين والبلاديوم من تشديد المعروض ومخاوف نقص المخزونات المتاحة للتداول.
قفزة قياسية في أسعار الذهب
قفزت أسعار الذهب الفوري بنسبة 1.46% لتصل إلى 3814 دولارًا للأوقية، بعد أن لامست مستوى 3812 دولار في وقت سابق من الجلسة، وهو أعلى مستوى في تاريخها. وبهذه الزيادة، يتجه المعدن النفيس لتسجيل مكاسب فصلية للربع الثالث على التوالي، مع ارتفاع حيازات صناديق المؤشرات المدعومة بالذهب إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2022.
مكاسب كبيرة لبقية المعادن الثمينة
لم تقتصر موجة الصعود على الذهب فحسب، حيث ارتفعت أسعار الفضة بنسبة 1.5% لتسجل 45.76 دولار للأونصة، وهو أعلى مستوى لها منذ عام 2011. كما سجل البلاتين ارتفاعًا بنسبة 2.6% ليصل إلى 1600 دولار للمرة الأولى منذ 2013، بينما قفز البلاديوم بنسبة 2.4% ليبلغ ذروة جديدة منذ يوليو الماضي.
وتشهد أسواق المعادن الأخرى تشديدًا ملحوظًا في المعروض، مع ارتفاع معدلات الإقراض لمستويات غير مسبوقة، ما يزيد المخاوف من نقص المخزونات في مراكز التداول العالمية، خاصة في لندن.
العوامل المحركة للسوق
يعود الارتفاع الكبير في أسعار الذهب إلى مجموعة من العوامل المتداخلة، أبرزها تزايد عمليات الشراء من قبل البنوك المركزية، وتوقعات خفض أسعار الفائدة الأمريكية، إضافة إلى القلق بشأن الاستقرار السياسي في الولايات المتحدة واحتمال إغلاق الحكومة الفيدرالية. كما لعبت قضية عضوة مجلس الاحتياطي الفيدرالي ليزا كوك دورًا في إثارة الجدل حول استقلالية البنك المركزي، وهو ما عزز جاذبية الذهب كأداة تحوط في أوقات عدم اليقين.
توقعات المؤسسات المالية
في تقرير حديث، أشار محللو “باركليز” إلى أن الذهب لا يزال مقومًا بأقل من قيمته الحقيقية مقارنة بالدولار وعوائد السندات، معتبرين أن المخاطر المحيطة باستقلالية الفيدرالي تضيف للذهب دورًا متزايدًا كوسيلة تحوط ذات قيمة استراتيجية. من جانب آخر، توقع كل من “جولدمان ساكس” و”دويتشه بنك” استمرار الاتجاه الصعودي للمعدن الأصفر في المدى القريب.
أما “سيتي جروب”، فقد حذر من أن تشديد سوق المعادن قد يتفاقم، خاصة مع احتمال إدراج معادن البلاتين ضمن مراجعات المادة 232 التي يجريها الرئيس ترامب بشأن المعادن الحرجة، ما قد يمهد الطريق لفرض رسوم جمركية جديدة على واردات البلاديوم مع صدور نتائج المراجعة في أكتوبر المقبل.
ترقب اجتماع ترامب وقادة الكونجرس
تترقب الأسواق العالمية الاجتماع الحاسم بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقادة الكونجرس، المقرر عقده اليوم قبل 24 ساعة فقط من انتهاء تمويل الحكومة الفيدرالية. نتائج هذا الاجتماع ستكون حاسمة في تحديد اتجاه الأسواق خلال الأيام المقبلة، سواء عبر التوصل إلى اتفاق لتجنب الإغلاق أو الدخول في أزمة جديدة قد تعزز من مكاسب الذهب والمعادن الثمينة بشكل أكبر.