يترقب الشارع الاقتصادي المصري اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي يوم الخميس 2 أكتوبر 2025، حيث يواجه صانعو القرار معضلة جديدة بين الاستمرار في سياسة خفض أسعار الفائدة لدعم النمو، أو الإبقاء عليها عند مستوياتها الحالية تحسبًا لتداعيات محلية وخارجية محتملة.
ويأتي هذا الاجتماع بعد سلسلة من القرارات النقدية خلال الأشهر الماضية، شملت خفضًا تدريجيًا لأسعار الفائدة بإجمالي 5.25% منذ أبريل 2025، وهو ما أعاد البنك المركزي إلى نهج التيسير النقدي بعد فترة من التوقف. ومع تراجع معدلات التضخم واستقرار سعر صرف الجنيه بدعم من تحسن التدفقات الدولارية، تزايدت التوقعات بوجود فرصة لخفض إضافي، بينما يرى آخرون أن الظروف العالمية والمحلية تفرض التريث.
مؤشرات تدعم خفض أسعار الفائدة
قالت مصادر ، إن هناك احتمالية كبيرة أن يتجه البنك المركزي إلى خفض أسعار الفائدة بمعدل يتراوح بين 1 و2% خلال اجتماع أكتوبر.
وأوضحوا أن هذا السيناريو مدعوم بتراجع التضخم، حيث سجل التضخم الأساسي السنوي 10.7% في أغسطس 2025، بينما انخفض التضخم الشهري إلى 0.1% فقط مقارنة بـ0.9% خلال نفس الشهر من العام الماضي.
كما أشار إلى أن تحسن تدفقات النقد الأجنبي، التي ارتفعت إلى 49.25 مليار دولار في أغسطس، منح البنك المركزي مرونة أكبر في دعم النمو الاقتصادي مع الحفاظ على استقرار الأسعار.
أصوات تنادي بتثبيت أسعار الفائدة
في المقابل، رجح الخبراء أن يبقي البنك المركزي على أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية (22% للإيداع و23% للإقراض).
وأوضحوا أن هذا الخيار يمنح صانعي السياسة النقدية فرصة لمراقبة انعكاسات قرارات مرتقبة مثل رفع الدعم عن البنزين في أكتوبر، إضافة إلى التداعيات المحتملة للرسوم الجمركية التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فضلًا عن التوترات الجيوسياسية العالمية وتأثيرها على أسعار السلع الأساسية.
وأضافوا أن خفض الفائدة الآن قد لا يؤدي بالضرورة إلى تراجع الأسعار، مستشهدًا بضعف تأثير المبادرات التمويلية منخفضة الفائدة على حركة الأسواق.
المخاطر العالمية والمحلية تدفع نحو الحذر
من جانبه، أوضح أستاذة الاقتصاد أن التريث في هذه المرحلة قد يكون الخيار الأنسب، خاصة في ظل الزيادات الأخيرة في أسعار الوقود التي أقرتها الحكومة المصرية في أبريل الماضي، والتي رفعت أسعار البنزين والسولار والمازوت.
وأشاروا إلى أن هذه الخطوة قد تخلق ضغوطًا تضخمية إضافية خلال الأشهر المقبلة، وهو ما يجعل قرار تثبيت الفائدة أكثر أمانًا لتجنب أي صدمات سعرية جديدة.
بين دعم النمو واستقرار الأسعار
يظل البنك المركزي المصري أمام تحدٍ صعب يتمثل في الموازنة بين دعم النمو الاقتصادي عبر تخفيف تكلفة الاقتراض، والحفاظ على استقرار الأسعار وسط بيئة عالمية مضطربة تشمل تقلبات أسواق الطاقة والسلع.
وبينما يرى بعض الخبراء أن خفض الفائدة أصبح ضرورة لمواصلة تنشيط الاقتصاد، يحذر آخرون من أن أي تيسير نقدي جديد قد يعرض البلاد لموجة تضخم غير متوقعة، خصوصًا مع الإصلاحات المرتبطة ببرنامج صندوق النقد الدولي.