تعيش السودان هذه الأيام وضعًا بالغ الخطورة مع استمرار فيضان مياه نهر النيل لليوم السادس على التوالي، حيث اجتاحت المياه مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية وغمرت القرى الواقعة على ضفاف النيل الأزرق والأبيض، مسببة أضرارًا جسيمة بالبنية التحتية والمنازل. وفي الوقت نفسه، تزداد التحذيرات العلمية من خطورة استمرار التدفقات العالية للمياه القادمة من سد النهضة الإثيوبي، والتي تشكل تهديدًا مباشرًا على سد الروصيرص في السودان، بما قد يفاقم الكارثة الإنسانية والبيئية.
استمرار تصريف كميات ضخمة من سد النهضة
كشف الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، أن حجم المياه المصرفة من سد النهضة بلغ يوم الثلاثاء نحو 633 مليون متر مكعب، بعد أن كان 750 مليون متر مكعب في اليوم السابق. ورغم هذا الانخفاض، فإن الكمية المصرفة لا تزال تتجاوز المعدل الطبيعي في مثل هذا الوقت من العام — والمقدر بنحو 300 مليون متر مكعب — بأكثر من الضعف.
منسوب مرتفع للنيل في الخرطوم
أوضح شراقي أن منسوب النيل عند العاصمة السودانية الخرطوم استقر عند 17.23 مترًا، وهو مستوى أعلى من خط الفيضان بحوالي 73 سنتيمترًا، لافتًا إلى أن الرقم القياسي المسجل سابقًا بلغ 17.66 مترًا في 6 سبتمبر 2020.
خطر داهم على سد الروصيرص
حذّر شراقي من أن استمرار التصريف العالي من سد النهضة لفترة قد لا تتجاوز أسبوعًا، قد يؤدي إلى انهيار سد الروصيرص إذا لم تتخذ إجراءات عاجلة لخفض المنسوب. وأكدت صور الأقمار الصناعية غمر قرى ممتدة وأراضٍ زراعية واسعة على طول النيل الأزرق من الخرطوم وحتى شمال العاصمة.
القرى الغارقة تتحول إلى جزر
تسبب الفيضان في غمر أحياء وقرى كاملة، مثل حي الشقيلاب جنوبي الخرطوم، الذي تحولت شوارعه وساحاته إلى ما يشبه الجزر العائمة، بعد أن غمرت المياه المنازل، وأصبح التنقل لا يتم إلا عبر قوارب صغيرة. ويعاني السكان من نقص المواد اللازمة لبناء حواجز ترابية لصد المياه، وسط تزايد المخاوف من تفاقم الأضرار مع استمرار ارتفاع المنسوب.
السد العالي في مصر يستوعب الفيضان
وفي المقابل، أكد شراقي أن السد العالي في مصر يستوعب كميات الفيضان بكفاءة عالية منذ أوائل سبتمبر، سواء القادمة من السدود السودانية أو من تصريف سد النهضة، إلى جانب باقي المصادر المائية، مع الحفاظ على هامش أمان مائي يضمن استقرار الموقف داخل الأراضي المصرية.