منذ أكثر من نصف قرن، شكّل السد العالي في أسوان أحد أعظم المشروعات التنموية في تاريخ مصر الحديث، حيث لم يكن مجرد سد مائي بل رمزًا للقدرة الوطنية على تأمين المياه والطاقة وحماية البلاد من الفيضانات والجفاف. واليوم، يعود السد مجددًا إلى واجهة المشهد بعد تسجيله طفرة لافتة في إنتاج الكهرباء، وصلت إلى 100% من طاقته القصوى لأول مرة منذ العام الماضي، مدعومة بزيادة كميات المياه والأمطار القادمة من السودان.
ويمثل هذا الإنجاز تأكيدًا على الأهمية الاستراتيجية للسد في مزيج الطاقة المصري، فضلًا عن دوره المستمر في ضمان الأمن المائي والزراعي.
كما يأتي تزامنًا مع ذكرى رحيل الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، الذي ارتبط اسمه بمشروع بناء السد، ليظل شاهدًا على إسهاماته التنموية الخالدة.
إنتاج كهرباء السد العالي يصل إلى ذروته
كشف مسؤول حكومي أن إنتاج السد العالي قفز إلى 2100 ميغاواط، وهي السعة القصوى للتوليد، وذلك لأول مرة منذ العام الماضي. وأرجع هذا الإنجاز إلى زيادة التدفقات المائية الناتجة عن الأمطار الغزيرة القادمة من السودان، والتي رفعت الإنتاج بنحو 10%.
وتعمل الحكومة المصرية على خطة شاملة لتعزيز القدرة القصوى للسد لتصل إلى 2400 ميغاواط خلال الفترة المقبلة، وهو ما يعكس الحرص على رفع كفاءة المشروع التاريخي لمواكبة الطلب المتزايد على الطاقة.
خطة تطوير شاملة لتغيير المحولات
أوضح المسؤول أن وزارة الكهرباء وضعت خطة متدرجة لتغيير جميع محولات السد العالي والبالغ عددها 12 محولًا.
وستبدأ المرحلة الأولى باستبدال محولين قبل نهاية العام الجاري، على أن يتم تغيير باقي المحولات تباعًا في السنوات القادمة، بما يضمن استقرار الشبكة وزيادة كفاءة الإنتاج.
استيعاب 15 مليار متر مكعب من المياه
أكدت الهيئة العامة للاستعلامات أن السد العالي يواصل استيعاب كميات ضخمة من المياه المتدفقة من دول المنابع، حيث تم حجز نحو 15 مليار متر مكعب خلال الفترة الأخيرة.
ويبرز هذا الدور الحيوي للسد في حماية مصر من أخطار الفيضانات وضمان انتظام الدورة الزراعية، وهو ما يعكس القيمة الاستراتيجية للمشروع في إدارة الموارد المائية.
ذكرى ناصر ومشروعه القومي الخالد
جاءت هذه التطورات بالتزامن مع إحياء الذكرى السنوية لرحيل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، الذي ارتبط اسمه بمشروع بناء السد العالي، والذي اعتبر عند إنشائه نقلة نوعية في مسار التنمية المصرية فقد أسهم السد في تحقيق أمن مائي وزراعي، ووفّر مصدرًا أساسيًا لإنتاج الكهرباء، ليظل حتى اليوم ركيزة أساسية في منظومة الطاقة والمياه.