شهدت أسعار القهوة العالمية ارتفاعاً حاداً خلال العام الماضي بلغ 22%، وهو أعلى معدل زيادة بين مختلف السلع الغذائية المدرجة في قوائم التسوق. ورغم هذا الصعود الكبير، لا يبدو أن الطلب على القهوة يتراجع، حيث يعتبرها ملايين الأشخاص في العالم ضرورة يومية لا يمكن الاستغناء عنها، حتى في ظل الضغوط الاقتصادية وارتفاع تكاليف المعيشة.
القهوة.. عادة يومية أقوى من الأسعار
بحسب تقارير اقتصادية، فإن أسعار عبوات القهوة في المتاجر وصلت لمستويات قياسية، فيما تجاوز سعر بعض المشروبات مثل اللاتيه 10 دولارات في المقاهي العالمية. ومع ذلك، يظل المستهلكون أوفياء لعاداتهم اليومية، إذ يفضل كثيرون تقليص نفقات أخرى بدلاً من التخلي عن فنجان القهوة الذي يمثل بالنسبة لهم “وقود اليوم”.
ويصف خبراء السلوك الاستهلاكي القهوة بأنها سلعة مرنة الطلب، أي أن المستهلكين يستمرون في شرائها حتى عند ارتفاع الأسعار، نظراً لارتباطها بعوامل نفسية وبدنية مثل تحسين المزاج وزيادة التركيز.
مواقع التواصل الاجتماعي.. منصّة الغضب
مع الزيادة المستمرة في الأسعار، امتلأت منصات التواصل الاجتماعي بموجة من الشكاوى الساخرة والغاضبة. فقد نشر بعض المستخدمين مقاطع مصورة من متاجر التجزئة تُظهر أسعار القهوة المعلبة وهي تتجاوز 17 دولاراً، مرفقة بتعليقات لاذعة وأغانٍ ساخرة للتعبير عن صدمتهم.
هذه التفاعلات، بحسب محللين، تعكس حالة من “الاحتجاج الرقمي” الذي يوازن بين السخرية والجدية، حيث يدرك المستهلكون أن تذمرهم لن يغير الأسعار، لكنهم يجدون في التعبير الجماعي وسيلة للتنفيس عن الضغوط اليومية.
أسباب الارتفاع
- يرجع خبراء الاقتصاد أسباب صدمة الأسعار إلى عدة عوامل متشابكة:
- تغيرات مناخية أثرت على محاصيل البن في دول رئيسية مثل البرازيل وكولومبيا.
- ارتفاع تكاليف الشحن والطاقة عالمياً بعد اضطرابات سلاسل الإمداد.
- زيادة الطلب في الأسواق الناشئة التي شهدت توسعاً في ثقافة المقاهي والاستهلاك اليومي للقهوة.
تأثيرات مستقبلية
ورغم توقعات بعض الخبراء بأن الأسعار قد تستقر تدريجياً في العام المقبل إذا تحسنت الظروف المناخية والإمدادية، إلا أن آخرين يرون أن القهوة قد تظل سلعة مرتفعة الثمن نسبياً مقارنة بالسنوات الماضية، مما يضع الأسر محدودة الدخل أمام تحديات إضافية.
لكن في المقابل، قد يدفع هذا الارتفاع إلى ابتكار بدائل جديدة مثل مشروبات الطاقة الطبيعية أو توسع المقاهي في تقديم أحجام أصغر بأسعار أقل، لتلبية احتياجات العملاء دون فقدانهم.
“فنجان القهوة.. عادة تتحدى الأسعار”
تظل القهوة مثالاً فريداً على تداخل الاقتصاد مع العادات الإنسانية. فبالرغم من موجة الغلاء وارتفاع الأسعار، يبقى فنجان القهوة جزءاً لا يتجزأ من روتين الملايين حول العالم. وبينما تثير الأسعار موجة من السخط على وسائل التواصل الاجتماعي، فإن الإقبال المستمر يثبت أن حب القهوة أقوى من أي صدمة سعرية.