شهد الاقتصاد المصري خلال شهر سبتمبر 2025 مؤشراً إيجابياً جديداً، تمثل في ارتفاع صافي احتياطي النقد الأجنبي ليصل إلى 49.533 مليار دولار بنهاية الشهر، مقارنة بـ 49.250 مليار دولار في أغسطس الماضي، وفقاً لما أعلنه البنك المركزي المصري.
ويأتي هذا الارتفاع استمراراً للمسار التصاعدي للاحتياطي للشهر الثالث على التوالي، في ظل تحسن موارد النقد الأجنبي من قطاعات متعددة، أبرزها الاستثمارات الأجنبية والسياحة وتحويلات المصريين بالخارج.
ويُعد هذا التطور انعكاساً واضحاً لقدرة الاقتصاد المصري على امتصاص التحديات العالمية وتحقيق استقرار نقدي نسبي، مدعوماً بإدارة قوية للسياسات المالية والنقدية، خصوصاً بعد قرار البنك المركزي الأخير بخفض أسعار الفائدة بنسبة 1%.
ارتفاع مدفوع بتحسن الموارد الدولارية
أوضح البنك المركزي أن الزيادة المسجلة في احتياطي النقد الأجنبي تعكس تحسناً ملحوظاً في تدفقات النقد الأجنبي إلى مصر، سواء من الاستثمارات الأجنبية المباشرة أو من القطاعات الخدمية مثل السياحة وتحويلات العاملين في الخارج، وهي مصادر رئيسية تدعم استقرار الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية.
الذهب المحرك الخفي وراء الزيادة
وأشار الخبراء المصرفيين إلى أن الارتفاع القياسي في أسعار الذهب عالمياً كان له تأثير غير مباشر على زيادة حجم الاحتياطي النقدي الأجنبي لمصر، موضحاً أن الذهب يُعد عنصراً أساسياً ضمن مكونات الاحتياطي.
وأضافوا أن ارتفاع أسعار المعدن النفيس — الذي تجاوز 500 دولار للأوقية خلال سبتمبر ليصل إلى نحو 3943 دولاراً للأوقية — أدى إلى رفع القيمة الإجمالية للأرصدة الذهبية التي يحتفظ بها البنك المركزي ضمن أصوله الاستراتيجية، وهو ما انعكس إيجاباً على إجمالي الاحتياطي المعلن.
مكونات الاحتياطي النقدي الأجنبي
يتألف احتياطي النقد الأجنبي لمصر من مجموعة من العملات الدولية الرئيسية، أبرزها الدولار الأمريكي واليورو والجنيه الإسترليني والين الياباني واليوان الصيني، ويتم تحديد نسب توزيع هذه العملات وفقاً لاستقرارها في الأسواق العالمية.
ويُعد الاحتياطي الأجنبي من أهم المؤشرات التي تعكس قوة الاقتصاد الوطني وقدرته على الوفاء بالتزاماته الخارجية، إذ يستخدم لتغطية الواردات وسداد الديون عند الحاجة.
السياسة النقدية وتوجهات البنك المركزي
في سياق متصل، قرر البنك المركزي المصري في اجتماعه يوم الخميس 2 أكتوبر 2025 خفض أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس لتصل إلى 21% للإيداع و22% للإقراض، بعد تراجع معدلات التضخم الأخيرة.
ويهدف القرار إلى دعم النشاط الاقتصادي وتشجيع الاستثمار في ظل استقرار الأوضاع النقدية، مع المحافظة على مستويات آمنة من الاحتياطي النقدي الأجنبي.
نظرة مستقبلية
يؤكد المحللون أن استمرار ارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي يشير إلى تحسن ملحوظ في الأداء المالي والنقدي لمصر، خاصة مع تنوع مصادر الدخل الدولاري. ومن المتوقع أن يسهم استقرار السوق العالمي للذهب واستمرار تدفقات الاستثمارات الأجنبية في تعزيز الاحتياطي خلال الربع الأخير من 2025، مما يمنح الاقتصاد المصري هامش أمان أكبر في مواجهة أي ضغوط خارجية محتملة.