في ظل الجهود الحكومية المستمرة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي ومواجهة تداعيات الأزمات العالمية، عقدت المجموعة الوزارية الاقتصادية اجتماعًا مهمًا برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بمقر الحكومة بالعاصمة الإدارية الجديدة، بحضور محافظ البنك المركزي حسن عبد الله وعدد من الوزراء والمسؤولين.
وشهد الاجتماع استعراضًا شاملاً لأحدث المؤشرات الاقتصادية، والتي عكست تحسن الأداء الاقتصادي المصري بشكل واضح خلال العام الجاري 2025، حيث تراجع معدل التضخم إلى أدنى مستوى له منذ ثلاث سنوات، بالتزامن مع ارتفاع تحويلات العاملين بالخارج، ونمو الناتج المحلي الإجمالي، بالإضافة إلى نجاح وزارة المالية في إصدار طرح جديد من الصكوك السيادية شهد إقبالاً كبيرًا من المستثمرين الدوليين.
ويأتي هذا التحسن نتيجة التنسيق الوثيق بين الحكومة والبنك المركزي في إدارة السياسة النقدية والمالية، ما يعزز الثقة في الاقتصاد المصري ويؤكد قدرته على تجاوز التحديات الراهنة.
انخفاض معدلات التضخم بشكل ملحوظ
قال المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء، المستشار محمد الحمصاني، إن الاجتماع شهد استعراض تطورات معدل التضخم خلال الفترة الأخيرة، حيث تم التأكيد على أن المعدلات سجلت تراجعًا ملحوظًا بفضل السياسات الاقتصادية المتبعة.
وأوضح أن معدل التضخم العام انخفض إلى 12% في أغسطس 2025 مقارنة بـ24% في يناير الماضي، كما تراجع معدل التضخم الأساسي من 22.6% إلى 10.7% خلال الفترة نفسها، وهو انخفاض كبير مقارنة بذروة بلغت نحو 40% في الربع الأخير من عام 2023.
وأشار الحمصاني إلى أن هذا التراجع جاء نتيجة تباطؤ التطورات الشهرية للأسعار وانخفاض أسعار السلع الغذائية، فضلًا عن الانحسار التدريجي لأثر الصدمات السابقة على السلع غير الغذائية والخدمات.
نجاح طرح الصكوك السيادية بقيمة 1.5 مليار دولار
استعرض الاجتماع كذلك نتائج الطرح الجديد من الصكوك السيادية الذي أطلقته وزارة المالية مؤخرًا، بقيمة 1.5 مليار دولار على شريحتين، والذي شهد إقبالًا كبيرًا من المستثمرين الدوليين حيث تجاوزت طلبات الاكتتاب 9 مليارات دولار.
وأكد الحمصاني أن هذا الإقبال يعكس تحسن نظرة المستثمرين العالميين للاقتصاد المصري، وثقتهم في قدرته على الوفاء بالتزاماته المالية، وهو ما يعزز مكانة مصر في الأسواق المالية العالمية.
ارتفاع تحويلات العاملين بالخارج ونمو الناتج المحلي
كما تناول الاجتماع تقرير وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي بشأن تطورات الناتج المحلي الإجمالي، والذي أشار إلى استمرار النمو الاقتصادي الإيجابي، حيث سجل الناتج المحلي ارتفاعًا بنسبة 5% خلال الربع الرابع من العام المالي 2024/2025 — وهو أعلى معدل نمو ربع سنوي منذ ثلاث سنوات.
كما أشار التقرير إلى ارتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج، بما يسهم في دعم احتياطي النقد الأجنبي وتحسين ميزان المدفوعات، إلى جانب التراجع الملحوظ في معدلات التضخم وتحسن مؤشرات النمو والاستثمار.
حوكمة الاستثمارات العامة وضبط الإنفاق
ناقش الاجتماع أيضًا جهود الحكومة في حوكمة الاستثمارات العامة خلال العام المالي 2024-2025، حيث أوضح الحمصاني أن قرار الحوكمة أسهم في حصر وتدقيق أرقام الاستثمارات الخاصة بالشركات والهيئات المملوكة للدولة، مما انعكس إيجابًا على ضبط الإنفاق العام وتعزيز كفاءة توجيه الموارد المالية.
وثيقة السياسة التجارية لمصر 2030
من بين الملفات التي ناقشها الاجتماع، وثيقة السياسة التجارية للدولة المصرية، التي تهدف إلى تحقيق التكامل بين الاستثمار والتجارة في إطار رؤية شاملة للتنمية المستدامة حتى عام 2030.
وأوضح المتحدث الرسمي أن الوثيقة تستهدف رفع قيمة الصادرات إلى 145 مليار دولار بحلول 2030، وخفض العجز في الميزان التجاري من خلال تعميق الصناعة المحلية وتعزيز الصادرات دون فرض قيود على الاستيراد أو الإنتاج.
كما ترتكز الوثيقة على تحفيز التنافسية وتيسير الإجراءات التجارية، مع حماية الصناعة الوطنية من الممارسات الضارة والالتزام بقواعد منظمة التجارة العالمية، في سبيل تحويل مصر إلى مركز إقليمي للصناعة والخدمات الموجهة للتصدير.