تراجعت أسعار النفط خلال تعاملات اليوم الجمعة بشكل ملحوظ، وسط تركيز الأسواق العالمية على انحسار التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط بعد الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، وهو الاتفاق الذي يعد خطوة محورية نحو إنهاء حرب استمرت عامين وأثرت بشكل مباشر على إمدادات الطاقة العالمية.
ويأتي هذا التراجع في ظل حالة حذر مرتفعة في الأسواق، مع مخاوف من فائض محتمل في المعروض خلال الربع الأخير من العام، إضافة إلى تباطؤ الطلب العالمي، خاصة من الصين، وهي أحد أكبر مستوردي النفط في العالم. كما ساهم ارتفاع الدولار الأمريكي في الضغط على الأسعار، وجعل السلع المقومة به أقل جاذبية للمستثمرين.
تراجع ملحوظ في أسعار خام برنت وغرب تكساس
سجل خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي تراجعًا بنسبة 1.7% ليغلق دون مستوى 62 دولارًا للبرميل، فيما انخفض خام برنت ليصل إلى نحو 65 دولارًا للبرميل.
ويعكس هذا الانخفاض التأثير المباشر لتراجع المخاوف الجيوسياسية بعد الاتفاق بين إسرائيل وحماس، والذي شمل إطلاق سراح الأسرى ويمهد الطريق لخفض التوترات في منطقة تعد مسؤولة عن إنتاج نحو ثلث النفط العالمي.
تباطؤ الطلب العالمي وزيادة المعروض تضغط على الأسعار
قالت ريبيكا بابين، كبيرة متداولي الطاقة في مجموعة “CIBC Group”، إن المعنويات في السوق لا تزال ضعيفة بسبب توقعات بزيادة الفائض في المعروض خلال الربع الرابع من العام، إلى جانب القلق من تباطؤ مشتريات الصين من الخام.
وأشارت إلى أن التداولات على النفط من المرجح أن تبقى محدودة ضمن نطاق ضيق مع ميل طفيف للانخفاض، خاصة إذا تعرضت الأصول عالية المخاطر لضغوط إضافية من الأسواق المالية العالمية.
ارتفاع الدولار الأمريكي يزيد الضغط على النفط
تحركت أسعار النفط بما يتماشى مع أداء الأسواق المالية العالمية، حيث ارتفع الدولار الأمريكي خلال الجلسات الأخيرة، مما جعل السلع المقومة به مثل النفط أقل جاذبية للمستثمرين الأجانب.
وفي المقابل، قدمت وزارة الخزانة الأمريكية بعض الدعم المحدود للأسعار، من خلال فرض عقوبات على أكثر من 50 كيانًا وشخصًا وسفينة قالت إنها تسهّل مبيعات وشحنات النفط والغاز الإيراني.
زيادة إمدادات النفط من “أوبك” والصين تدعم وفرة المعروض
تواصل منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وحلفاؤها ضخ كميات أكبر من الخام في الأسواق العالمية. ورغم ذلك، ظل تأثير هذه الزيادات محدودًا على الأسعار، بسبب قيام الصين بتخزين كميات كبيرة من النفط الخام.
كما تشير توقعات مؤسسات مالية دولية، بينها وكالة الطاقة الدولية وبنوك وول ستريت، إلى أن الأشهر المقبلة قد تشهد فائضًا كبيرًا في المعروض، ما قد يؤدي إلى استمرار الضغوط على الأسعار.
توقعات مستقبلية لأسعار النفط
يرى بنك جولدمان ساكس أن متوسط سعر خام برنت قد يتراجع إلى 56 دولارًا للبرميل في العام المقبل، مع استمرار تجاوز الإنتاج العالمي لمستويات الطلب.
ويشير هذا التوقع إلى احتمال دخول السوق في مرحلة استقرار منخفض للأسعار، إذا لم تظهر مؤشرات قوية على تعافي الطلب أو انخفاض الإمدادات.