تشهد أسعار الذهب في مصر والعالم طفرة غير مسبوقة منذ مطلع العام 2025، مدفوعة بتوترات اقتصادية عالمية وتزايد الإقبال على المعدن النفيس كملاذ آمن. فقد قفز سعر جرام الذهب عيار 21 — الأكثر تداولًا في السوق المحلي — بنسبة 54.3% خلال الفترة من يناير إلى أكتوبر 2025، ليرتفع من 3720 جنيهًا إلى نحو 5740 جنيهًا.
ويأتي هذا الارتفاع بالتزامن مع تسجيل الأونصة العالمية مستويات قياسية جديدة، وسط أطول موجة صعود للذهب منذ 17 عامًا، مدفوعة بعوامل جيوسياسية واقتصادية متشابكة تشمل التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وضعف بعض البنوك الأمريكية، وتوقعات خفض الفائدة الأمريكية خلال الاجتماعين المقبلين للاحتياطي الفيدرالي.
قفزة سعرية قياسية للذهب محليًا وعالميًا
وفقًا لتقرير شعبة الذهب والمعادن الثمينة باتحاد الصناعات، سجلت أسعار الذهب العالمية مستوى قياسيًا جديدًا عند 4356 دولارًا للأونصة قبل أن تغلق تداولات الأسبوع عند 4249 دولارًا.
كما واصلت الأسعار العالمية الصعود للأسبوع التاسع على التوالي، في أطول موجة ارتفاع منذ 17 عامًا، ما انعكس بشكل مباشر على الأسعار المحلية في مصر التي شهدت قفزة تاريخية.
دور البنوك المركزية في دعم الأسعار
أشار التقرير إلى أن هذا الصعود الكبير يرجع بالأساس إلى زيادة مشتريات البنوك المركزية حول العالم، وعلى رأسها البنك المركزي الصيني الذي يشتري الذهب للشهر الحادي عشر على التوالي.
كما شهدت صناديق الاستثمار المتداولة تدفقات مالية ضخمة، بالتوازي مع زيادة الإقبال الاستهلاكي في الأسواق الآسيوية، خصوصًا في الهند التي تدخل موسم المهرجانات، ما يعزز الطلب العالمي على الذهب.
التوترات التجارية تدفع الذهب لمكاسب تاريخية
التوترات المتصاعدة بين الصين والولايات المتحدة كانت من العوامل الحاسمة في هذا الارتفاع، إذ دفعت الذهب لتحقيق مكاسب عالمية تجاوزت 64%، بينما تجاوزت مكاسب الفضة 70%.
وذلك بعد تهديد واشنطن بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على بعض السلع الصينية، ورد بكين بتهديدات مماثلة، ما أدى إلى تصاعد المخاوف من أزمة تجارية جديدة، وارتفاع الطلب على الذهب كملاذ آمن في مواجهة المخاطر.
توقعات بمزيد من الارتفاع في الأسعار
توقعت شعبة الذهب، استنادًا إلى تقديرات بنك “جولدمان ساكس”، أن تصل الأونصة إلى 4900 دولار في المدى المتوسط، خصوصًا إذا واصل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سياسته الحذرة تجاه خفض الفائدة.
كما أكدت أن المستثمرين يواصلون التحوط عبر الذهب، في ظل غياب أي مؤشرات على تصحيح هبوطي وشيك في الأسعار.
السوق المحلية.. هدوء في المبيعات رغم الارتفاع
رغم الارتفاع المتسارع في الأسعار، تشهد السوق المصرية حالة من الهدوء النسبي في حركة المبيعات، مع ترقب المتعاملين لاتجاه الأونصة العالمية في الأسابيع المقبلة. ويعكس ذلك طبيعة تعامل المصريين مع الذهب كمخزن للقيمة، أكثر منه أداة مضاربة قصيرة الأجل.