مع دخول فصل الخريف وبداية موسم انتشار العدوى الفيروسية، تتزايد المخاوف بين المواطنين من عودة بعض الأمراض الجلدية والمعدية، وعلى رأسها مرض الجدري، الذي يعد من الأمراض الفيروسية التي أثرت على البشرية لقرون طويلة قبل أن يتم القضاء على نوعه الأخطر المعروف باسم الجدري الحقيقي (Smallpox).

ورغم إعلان منظمة الصحة العالمية القضاء على الجدري عام 1980، إلا أن هناك أنواعًا أخرى من الفيروسات المشابهة لا تزال تُسبب العدوى بين البشر مثل جدري الماء (Chickenpox) وجدري القرود (Monkeypox)، ويختلط الأمر أحيانًا بين هذه الأنواع في الأعراض وطريقة الانتقال.
ما هو مرض الجدري؟
الجدري هو مرض فيروسي معدٍ يسببه فيروس من فصيلة Orthopoxvirus، وهو من الفيروسات التي تصيب الإنسان عبر الجهاز التنفسي أو ملامسة سوائل من شخص مصاب. كان الجدري الحقيقي من أخطر الأمراض في التاريخ، إذ تسبب في وفيات بالملايين قبل اكتشاف اللقاح في القرن الثامن عشر. أما الآن، فالأنواع المنتشرة بين الناس عادة تكون أقل خطورة مثل جدري الماء، الذي يسببه فيروس “فاريسيلا زوستر”، أو جدري القرود الذي ظهر في السنوات الأخيرة في عدة دول إفريقية وانتقل منها إلى مناطق أخرى حول العالم.
أعراض مرض الجدري
تبدأ أعراض الجدري عادةً بمرحلة الحضانة التي تمتد من 7 إلى 17 يومًا بعد التعرض للفيروس، وخلالها لا تظهر أي علامات واضحة. بعدها يدخل المريض في المرحلة الأولية من المرض والتي تتشابه كثيرًا مع أعراض الإنفلونزا، وتشمل:
ارتفاع شديد في درجة الحرارة.
صداع قوي وألم في الظهر والمفاصل.
تعب عام وإرهاق شديد.
فقدان الشهية وألم في الحلق.
بعد ذلك، تبدأ المرحلة الجلدية التي تميز الجدري عن غيره، إذ يظهر طفح جلدي مميز يبدأ عادة على الوجه ثم ينتشر إلى باقي أجزاء الجسم. يتحول الطفح إلى بثور مليئة بالسوائل، ثم إلى قشور تجف وتسقط في غضون أسابيع، تاركة في بعض الأحيان آثارًا أو ندوبًا على الجلد.
أما في حالة جدري القرود، فتتشابه الأعراض لكنها تكون مصحوبة بتضخم في الغدد الليمفاوية وألم في العضلات، كما تستمر لفترة أطول قليلاً.
طرق انتقال العدوى
ينتقل فيروس الجدري عن طريق:
الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس من شخص مصاب.
ملامسة سوائل البثور أو القشور الجافة من الجلد المصاب.
استخدام أدوات شخصية ملوثة مثل المناشف أو الملابس.
وفي حالة الحيوانات، قد ينتقل جدري القرود من ملامسة الحيوانات البرية المصابة أو تناول لحومها دون طهي جيد.
الوقاية من مرض الجدري
رغم القضاء على الجدري الحقيقي، فإن الالتزام بإجراءات الوقاية العامة يظل ضروريًا لتفادي العدوى بالأنواع الفيروسية المشابهة، خاصة في موسم انتشار الفيروسات التنفسية. وتشمل طرق الوقاية ما يلي:
1. الاهتمام بالنظافة الشخصية وغسل اليدين بالماء والصابون بانتظام.
2. تجنب ملامسة المصابين أو أدواتهم الشخصية.
3. التطعيم ضد الفيروسات المسببة مثل لقاح جدري الماء الذي يُعطى للأطفال ضمن برامج التطعيم الأساسية.
4. تعقيم الأسطح والأدوات المشتركة، خاصة في الأماكن العامة أو المؤسسات التعليمية.
5. تغطية الفم والأنف عند السعال أو العطس لتقليل انتشار الرذاذ.
6. العزل المنزلي للمصابين حتى تختفي القشور تمامًا لتجنب نقل العدوى للآخرين.
متى يجب استشارة الطبيب؟
يُنصح بمراجعة الطبيب فورًا عند ظهور طفح جلدي مصحوب بحمى شديدة، خاصة إذا كان الشخص قد خالط مصابًا بجدري الماء أو جدري القرود. فالتشخيص المبكر يساعد على منع المضاعفات، التي قد تشمل التهابات الجلد أو الرئة أو الجهاز العصبي في بعض الحالات النادرة.


















