شهدت أسعار النفط العالمية ارتفاعًا حادًا تجاوز 5% خلال تعاملات الخميس، مسجلة أعلى مستوياتها في أسبوعين، بعد إعلان الولايات المتحدة فرض عقوبات جديدة على شركتي “روسنفت” و”لوك أويل” الروسيتين، في خطوة تعد من أشد الإجراءات الأمريكية ضد قطاع الطاقة الروسي منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا.
وأدت هذه العقوبات إلى إعادة رسم خريطة الإمدادات العالمية، ودفع شركات طاقة في الصين والهند إلى دراسة تقليص وارداتها من الخام الروسي، ما تسبب في موجة شراء قوية في الأسواق النفطية.

أسعار النفط تسجل أكبر قفزة منذ يونيو الماضي
ارتفع خام برنت بمقدار 3.40 دولارات، أي بنسبة 5.4%، ليغلق عند 65.99 دولارًا للبرميل، فيما صعد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 3.29 دولارات بنسبة 5.6% ليصل إلى 61.79 دولارًا للبرميل، في أكبر زيادة يومية منذ منتصف يونيو، وأعلى إغلاق منذ 8 أكتوبر.
وقال ديفيد أوكلي، كبير خبراء السلع في “كابيتال إيكونوميكس”، إن العقوبات الأمريكية الأخيرة تمثل تصعيدًا كبيرًا في استهداف قطاع الطاقة الروسي، محذرًا من أن هذه الخطوة قد تُحوّل سوق النفط العالمي إلى عجز في المعروض خلال عام 2026 إذا استمر التضييق على الصادرات الروسية.
روسيا في قلب الأزمة.. ثاني أكبر منتج نفطي عالميًا
تعد روسيا ثاني أكبر منتج للنفط الخام في العالم بعد الولايات المتحدة وفقًا لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية لعام 2024.
وتشير التقديرات إلى أن صادرات روسيا تمثل نحو 7% من الإمدادات العالمية، ما يجعل أي اضطرابات في تدفقها ذات تأثير مباشر على الأسعار العالمية.
كما قفزت العقود الآجلة للديزل الأمريكي بنسبة 7%، لترتفع هوامش التكرير إلى أعلى مستوياتها منذ فبراير الماضي، نتيجة توقعات نقص في المعروض العالمي من المنتجات البترولية.
الصين والهند تعيدان حساباتهما بعد العقوبات
أكدت مصادر تجارية أن شركات النفط الحكومية الصينية أوقفت شراء الشحنات الصادرة عن “روسنفت” و”لوك أويل”، خشية التعرض للعقوبات الأمريكية، ما أدى إلى دعم إضافي للأسعار في الأسواق العالمية.
كما أوضحت تقارير من القطاع أن المصافي الهندية تدرس خفض وارداتها من النفط الروسي بشكل حاد، التزامًا بالعقوبات الجديدة، وهو ما قد يمهد الطريق أمام اتفاقيات طاقة جديدة بين نيودلهي وواشنطن.
وقال المحلل في بنك “يو بي إس” جيوفاني ستاونوفو إن مدى تأثير العقوبات يعتمد إلى حد كبير على استجابة الهند، التي أصبحت منذ الحرب في أوكرانيا أكبر مشترٍ للنفط الروسي المخفض السعر.
أوبك تراقب التطورات وتتعهد بالتدخل عند الحاجة
من جانبه، أكد وزير النفط الكويتي أن منظمة “أوبك” جاهزة لتعويض أي نقص محتمل في الإمدادات إذا تسببت العقوبات في تعطيل تدفقات النفط من روسيا.
وفي المقابل، شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أن “استبدال النفط الروسي في السوق العالمية سيستغرق وقتًا”، معتبرًا العقوبات محاولة لـ“الضغط على روسيا”، مضيفًا:
“أي دولة تحترم نفسها لا يمكن أن تتخذ قرارات تحت الضغط.”
عقوبات غربية متصاعدة ضد موسكو
تزامنت العقوبات الأمريكية مع خطوات مماثلة من بريطانيا والاتحاد الأوروبي حيث فرضت لندن عقوبات مباشرة على شركتي “روسنفت” و”لوك أويل”. بينما أقر الاتحاد الأوروبي الحزمة التاسعة عشرة من العقوبات ضد موسكو، والتي تشمل حظر واردات الغاز الطبيعي المسال الروسي، وإضافة شركتين صينيتين وشركة “تشاينا أويل هونغ كونغ” التابعة لـ”بتروتشاينا” إلى قائمة الكيانات الخاضعة للعقوبات.
سوق النفط مقبل على اضطرابات متزايدة
يرى محللون أن تأثير العقوبات الجديدة قد يكون أعمق من المرات السابقة، خاصة مع دخول الشركات الصينية والهندية في دائرة القيود الأمريكية.
وفي حال استمرار تشديد الإجراءات، من المتوقع أن تواجه الأسواق نقصًا في المعروض بحلول منتصف عام 2026، مع ارتفاع إضافي في الأسعار إذا لم تستطع “أوبك” والدول المنتجة الأخرى تعويض الفاقد الروسي.



















