قرر البنك المركزي المصري فرض غرامة مالية قياسية تبلغ مليار جنيه على بنك أبوظبي الأول مصر، وذلك بعد ثبوت مخالفات تتعلق بضوابط منح التسهيلات الائتمانية.
القرار الذي كشفته وكالة “الشرق بلومبرج” أثار تفاعلًا واسعًا في الأوساط الاقتصادية، لما يحمله من رسائل حاسمة حول تشديد الرقابة والحوكمة داخل القطاع المصرفي المصري، خاصة في ظل توجه الدولة لتعزيز الشفافية والانضباط المالي وحماية أموال المودعين.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن المخالفة تتعلق بتسهيلات مالية قدمها البنك إلى شركة بلتون القابضة التابعة لمجموعة شيميرا الإماراتية، تبين لاحقًا استخدامها في غير الأغراض المحددة لها ضمن شروط التعاقد، وهو ما اعتبره “المركزي” مخالفة صريحة تستوجب التدخل والعقوبة.
الرقابة والحوكمة في قلب القرار
قال الخبير المصرفي أحمد شوقي إن الغرامة التي فرضها المركزي المصري تؤكد التزام الدولة بتطبيق معايير الرقابة والحوكمة الصارمة على جميع البنوك، سواء كانت محلية أو أجنبية، في إطار ترسيخ مبدأ المساواة أمام القانون.
وأشار إلى أن القرار من شأنه دفع البنوك إلى مزيد من الحذر في منح التسهيلات الائتمانية، والتأكد من التزام العملاء بالاستخدام المحدد للأموال، مما يحد من المخاطر الائتمانية ويحافظ على استقرار القطاع المصرفي.
وأوضح شوقي أن الغرامة ليست مجرد إجراء عقابي، بل هي رسالة تنظيمية واضحة تهدف إلى تعزيز الانضباط والشفافية وضمان الالتزام التام بقانون البنك المركزي والجهاز المصرفي رقم 194 لسنة 2020، مضيفًا أن هذا القرار يعكس توجهًا حكوميًا راسخًا لترسيخ مبدأ المحاسبة دون استثناء.
إقالة رئيس قطاع المخاطر في بنك أبوظبي الأول
وفي تطور لافت، كشفت مصادر لـ“الشرق بلومبرج” أن البنك المركزي المصري قرر إقالة رئيس قطاع المخاطر في بنك أبوظبي الأول مصر، عقب فرض الغرامة المالية الكبيرة، لتكون بذلك أكبر عقوبة من نوعها في تاريخ الجهاز المصرفي المصري.
وأشارت المصادر إلى أن المخالفات لم تقتصر على هذا البنك فقط، بل شملت عدة بنوك أخرى تم توقيع غرامات مالية متفاوتة عليها، من بينها بنك الكويت الوطني – مصر بقيمة 170 مليون جنيه، وبنك الشركة المصرفية العربية الدولية “سايب” بقيمة أقل.
وأكدت المصادر أن هذه القرارات قد تمهد لـ تغييرات إدارية أوسع في بعض البنوك خلال الفترة المقبلة، في ظل سعي المركزي لتعزيز الرقابة على منظومة الائتمان والتسهيلات المصرفية وضمان الالتزام بالقواعد الرقابية.
أول رد من بنك أبوظبي الأول مصر
وفي أول تعليق رسمي، أصدر بنك أبوظبي الأول مصر بيانًا أكد فيه التزامه الكامل بالقوانين واللوائح الصادرة عن البنك المركزي المصري، مشيرًا إلى تعاونه التام مع الجهات الرقابية لضمان أعلى معايير الحوكمة.
وأوضح البنك أن إقالة رئيس قطاع المخاطر تأتي ضمن خطة داخلية لإعادة هيكلة بعض الإدارات، بهدف تعزيز الكفاءة التشغيلية ودعم استراتيجية النمو المستدام وتحسين جودة الخدمات المقدمة للعملاء والشركاء.
رد شركة بلتون القابضة على الأزمة
من جانبها، أصدرت شركة بلتون القابضة بيانًا رسميًا أكدت فيه سلامة موقفها المالي والتزامها الكامل بالقوانين واللوائح المنظمة للسوق المصرية، مشددة على تمتعها بـ ملاءة مالية قوية تمكّنها من الوفاء بجميع التزاماتها.
وأكدت الشركة أن حق الرد مكفول للبنوك المعنية، رافضة الخوض في تفاصيل تخص تعاملاتها المصرفية.
وتُعد بلتون القابضة من أكبر المؤسسات المالية في مصر، وتضم نحو 18 شركة تعمل في مجالات الاستثمار وإدارة الأصول والوساطة وتغطية الاكتتابات.
من هو بنك أبوظبي الأول مصر؟
يعد بنك أبوظبي الأول مصر، التابع لمجموعة بنك أبوظبي الأول الإماراتية، ثالث أكبر بنك أجنبي في السوق المصرية بعد استحواذه على بنك عوده مصر.
ويمتلك البنك 72 فرعًا على مستوى الجمهورية، ويُعد أحد أبرز البنوك التي توسعت في السوق المصرية خلال السنوات الأخيرة.
وبحسب القوائم المالية المجمعة، بلغت محفظة قروض بلتون القابضة نحو 22.4 مليار جنيه حتى نهاية يونيو الماضي، فيما جمعت الشركة نحو 20 مليار جنيه من المساهمين عبر زيادتين في رأس المال خلال عام 2023.
يُذكر أن مجموعة شيميرا الإماراتية استحوذت عام 2022 على 56% من أسهم بلتون بقيمة تقارب 385 مليون جنيه، وكان سعر السهم حينها 1.485 جنيه، مقابل 3.13 جنيه حاليًا مع ارتفاع سعر الدولار إلى نحو 47.37 جنيهًا.

















