شهد المؤتمر الاقتصادي السنوي التاسع للجمعية العلمية للتشريع الضريبي، المنعقد تحت رعاية وزير المالية أحمد كجوك، تقديم دراسة بحثية موسعة بعنوان “استراتيجية ضريبية داعمة للتنافسية والاستدامة”، أعدّها الخبير الضريبي هاني طلب، الشريك التنفيذي بمكتب HT Accounting. وقد تناولت الدراسة رؤية إصلاحية تهدف إلى تعزيز تنافسية الاقتصاد المصري وتحقيق الاستدامة المالية والاقتصادية والبيئية، مع معالجة الفجوة بين التشريعات الضريبية والواقع التنفيذي داخل الإدارة الضريبية.
وخلال عرضه، أكد طلب أن تطوير السياسة الضريبية أصبح ضرورة لتعزيز بيئة الأعمال في ظل التحولات العالمية، موضحًا أن النظام الضريبي يواجه تحديات تتعلق بتعقيد التشريعات وتعدد اللوائح التنفيذية والتعديلات المتكررة التي تقلل من الاستقرار التشريعي وتؤثر على قرارات المستثمرين. كما أشار إلى محدودية فعالية الحوافز الاستثمارية الحالية نتيجة غياب تقييم دوري لجدواها، في الوقت الذي يتوسع فيه الاقتصاد غير الرسمي بعيدًا عن المنظومة الضريبية الرسمية.
وأوضح أن بطء التحول الرقمي داخل مصلحة الضرائب يمثل أحد أبرز العوائق أمام تطوير منظومة حديثة للإقرارات والفحص والسداد، إلى جانب فجوات في الحوكمة وغياب آليات دقيقة لقياس الأداء، الأمر الذي أدى إلى انخفاض مستوى الثقة بين الممولين والإدارة الضريبية.
وقدمت الدراسة رؤية متكاملة لتعزيز التنافسية من خلال تبسيط وتوحيد التشريعات الضريبية في قانون شامل يحقق وضوحًا واستقرارًا للمستثمرين، وتثبيت القواعد الأساسية للحد من التعديلات المتكررة. كما دعت إلى إعادة تقييم الحوافز الاستثمارية وتوجيهها نحو القطاعات الإنتاجية الواعدة، مع تحسين بيئة الأعمال وتعزيز الشفافية في التعاملات الضريبية.
وفي محور الاستدامة المالية والبيئية، أكدت الدراسة أهمية دمج الاقتصاد غير الرسمي من خلال أدوات تحفيزية وتوسيع قاعدة الممولين دون تحميل القطاع الخاص أعباء إضافية، إضافة إلى تنويع مصادر الإيرادات عبر الضرائب الخضراء وتشجيع الأنشطة الصديقة للبيئة. كما شددت على ضرورة توجيه الإيرادات لدعم قطاعات التعليم والصحة والبنية التحتية بما يحقق مردودًا اقتصاديًا واجتماعيًا مستدامًا.
أما في محور الحوكمة والتحول الرقمي، فقد شدد طلب على أهمية تفعيل المجلس الأعلى للضرائب كجهة مسؤولة عن رسم السياسات وتنسيق تطبيقها. كما دعا إلى تطوير منصة رقمية موحدة تشمل جميع تعاملات المكلفين، والتوسع في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لإدارة المخاطر وتحديد الملفات ذات الأولوية في الفحص، بما يعزز الشفافية ويقلل الاعتماد على التقديرات الشخصية. وأكد أن رفع كفاءة الكوادر البشرية وفق معايير دولية يُعد عنصرًا أساسيًا لنجاح الإصلاح، إلى جانب تحسين آليات التظلم والفحص الإلكتروني لتعزيز الثقة مع الممولين.
واختتم طلب بالتأكيد على أن تطوير منظومة ضريبية عادلة وفعالة يمثل ركيزة رئيسية لتحقيق رؤية مصر 2030، مشيرًا إلى أن نجاح الإصلاح الضريبي سينعكس مباشرة على النمو الاقتصادي وجذب الاستثمارات وزيادة الإيرادات العامة بطرق مستدامة تعزز قوة الاقتصاد الوطني وقدرته على المنافسة إقليميًا ودوليًا.



















