في ظل ما تشهده الساحة المصرية من تنامي حوادث التحرش بالأطفال خلال الفترة الأخيرة، خرج الأزهر الشريف ببيان شديد اللهجة يعكس حجم القلق والحزن الذي يخيم على المجتمع إزاء هذه الجرائم البشعة التي تمس براءة الأطفال وتنتهك حرمة الأسر. وجاء موقف الأزهر واضحًا وصريحًا في تحميل هذه العصابات المجرمة مسؤولية انتشار هذا الخطر الدخيل على المجتمع المصري، وفي الوقت نفسه تحميل الجميع مسؤولية حماية الأطفال وردع المتحرشين بلا تهاون.
تمثل جرائم التحرش بالأطفال واحدة من أخطر الجرائم التي لا تمس ضحايا بعينهم فحسب، بل تنعكس آثارها السلبية على المجتمع بأكمله، لما تسببه من خوف ورعب بين الأسر، إلى جانب ما تخلّفه من ندوب نفسية عميقة قد ترافق الطفل طوال حياته. ولذا جاءت رسالة الأزهر لتؤكد ضرورة التصدي لهذه الجريمة الشنعاء بكل قوة، تشريعيًا ودينيًا وأسريًا.
التحرش بالأطفال جريمة دنيئة تحرّمها الأديان وتستنكرها الفطرة
شدد الأزهر الشريف في بيانه على أن التحرش الخسيس بالأطفال جريمة منحطة حرمتها جميع الشرائع السماوية، وتستقذرها الفطر البشرية السليمة منذ القدم وحتى اليوم. فهي ليست فقط اعتداءً على طفل صغير، بل هي اعتداء على إنسان ضعيف لا يملك الدفاع عن نفسه، وتعدٍّ صريح على قيم المجتمع وشرف العائلات.
وأكد الأزهر أن هذه الجريمة لا تقتصر آثارها على الضحية وحده، بل تمتد لتشمل الأسرة والمجتمع بأسره، نظرًا لما تُشيعه من خوف في نفوس الأهالي، ولِما تتركه من أذى جسدي ونفسي لا يمكن تجاهله أو التقليل من خطورته.
جرائم تناقض الفطرة الإنسانية السليمة
واصل الأزهر التأكيد على أن التحرش بالأطفال فعل بشع يناقض الفطرة التي خلق الله البشر عليها، والتي تقوم على حب الأطفال وحمايتهم والحنو عليهم. ومن ثم فإن أي اعتداء على براءة الطفل يُعد انحرافًا خطيرًا عن كل ما هو إنساني، وتجاوزًا للحدود الأخلاقية والقيمية التي يقوم عليها المجتمع.
الأزهر يطالب بتغليظ العقوبات لمواجهة عصابات التحرش
في موقف واضح وحاسم، استصرخ الأزهر الهيئات التشريعية للنظر في تغليظ عقوبات التحرش بالأطفال إلى أقصى حد ممكن، لضمان ردع هؤلاء المجرمين الذين وصفهم البيان بأنهم “ليس لهم مثيل حتى في عالم الأحراش والوحوش”.
ودعا إلى ضرورة الوقوف أمام عصابات التحرش بالأطفال، التي تتعامل مع هذه الجريمة كمتعة قذرة أو تجارة سوداء قائمة على استغلال الضعفاء.
وأكد الأزهر أن العقوبات الرادعة يمكن أن تسهم في الحد من هذه الجرائم، وتحمي المجتمع من تداعياتها المدمرة.
الدعم النفسي للأطفال ضحايا التحرش ضرورة لا غنى عنها
لم يكتف الأزهر بالتحذير والتشريع، بل شدد على أهمية تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال الضحايا، بما يساعدهم على تجاوز الصدمة واستعادة الشعور بالأمان.
وطالب بالاستعانة بالمختصين من علماء النفس والاجتماع والدين، من أجل معالجة الآثار العميقة التي تتركها هذه الجرائم في نفوس الأطفال.
وأكد أن هذا الدعم ليس مسؤولية فرد أو جهة واحدة، بل مسؤولية مجتمعية شاملة تتشارك فيها مؤسسات الدولة والأسرة والمدرسة.
نداء للأسر: تواصلوا مع أبنائكم واحموهم من مخاطر البيئة الرقمية
وجه الأزهر نداءً مباشرًا للآباء والأمهات بضرورة زيادة اليقظة والاهتمام بسلوك الأبناء، والتواصل الدائم معهم، وتعليمهم الإبلاغ عن أي سلوك غريب يتعرضون له دون خوف أو خجل.
كما طالب بتشريعات حاسمة لضبط البيئة الرقمية التي يتعامل معها الأطفال، وحمايتهم من مخاطر الاستغلال الإلكتروني والمتاجرة غير الأخلاقية.
وأكد أن حماية الأطفال مسؤولية مشتركة بين الأسرة، والمدرسة، والإعلام، والقانون، وأن تعاون هذه الجهات كفيل ببناء مجتمع أكثر أمانًا لأطفاله.



















