تشهد أسواق المعادن النفيسة حالة من الترقب والهدوء الحذر مع نهاية الأسبوع الأول من ديسمبر 2025، في ظل انتظار المستثمرين حول العالم لصدور مجموعة من البيانات الاقتصادية الأمريكية، وعلى رأسها بيانات التضخم التي يعتمد عليها الاحتياطي الفيدرالي في صياغة قراراته المتعلقة بالسياسة النقدية.
ويأتي الذهب في قلب هذه التطورات، حيث استقرت أسعاره خلال تعاملات اليوم الجمعة، وسط اتجاه واضح نحو تسجيل تراجع أسبوعي طفيف متأثرًا بارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية، التي تجعل الاحتفاظ بالذهب أقل جذبًا للمستثمرين نظراً لكونه أصلًا لا يحقق عائدًا مباشرًا.
ورغم هذا التراجع المحدود، فإن الأسواق لا تزال تترقب نتائج اجتماع الفيدرالي الأمريكي يومي 9 و10 ديسمبر، وهو الاجتماع الذي يحدد مصير الفائدة الأمريكية، وبالتالي يؤثر بشكل مباشر على حركة الذهب خلال الفترة المقبلة. وفي هذا التقرير، نستعرض أداء الذهب عالمياً، والعوامل المؤثرة عليه خلال الأسبوع، ورؤية الخبراء بشأن اتجاه الأسعار مستقبلًا.

استقرار أسعار الذهب عالميًا وتراجع أسبوعي طفيف
استقرت أسعار الذهب في المعاملات الفورية عند مستوى 4215.92 دولار للأوقية اليوم الجمعة، وفقًا لبيانات «رويترز». ويأتي هذا الاستقرار رغم توجه المعدن النفيس نحو تسجيل تراجع أسبوعي بنسبة 0.3%، وهو تراجع محدود لكنه يعكس تأثير عوائد السندات الأمريكية التي اقتربت من أعلى مستوياتها خلال أكثر من أسبوعين.
ارتفاع العوائد يزيد تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب، وهو ما دفع عددًا من المستثمرين للتوجه نحو أدوات الدخل الثابت بدلاً من الذهب.
عوائد السندات والدولار.. ما تأثيرهما على الذهب؟
ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات، بالتزامن مع بقاء الدولار قريبًا من أدنى مستوى له في خمسة أسابيع أمام العملات الرئيسية، مما خلق مزيجًا من الضغوط والعوامل الداعمة للذهب في نفس الوقت.
ورغم أن انخفاض الدولار عادةً ما يدعم الذهب، فإن تأثير ارتفاع العوائد كان الأقوى خلال هذا الأسبوع، ونتج عنه تراجع محدود في الأسعار.
وأشار كونال شاه، رئيس قسم الأبحاث في «نيرمال بانج كوموديتيز»، إلى أن الأسواق تنتظر محفزات جديدة من الفيدرالي، مؤكدًا أن الاتجاه العام للذهب قد يكون صعوديًا على المدى المتوسط، رغم الضغوط الحالية الناتجة عن ارتفاع عوائد السندات.
بيانات البطالة الأمريكية.. إشارة داعمة للفيدرالي
في سياق البيانات الاقتصادية المؤثرة، أظهرت الإحصاءات تراجع طلبات إعانة البطالة الأمريكية إلى 191 ألف طلب الأسبوع الماضي، وهو أدنى مستوى منذ أكثر من ثلاث سنوات، وأقل من توقعات كانت عند 220 ألف طلب.
وتشير هذه البيانات إلى قوة سوق العمل الأمريكي، وهو عامل قد يخفف ضغوط التضخم ويدعم قرارات الفيدرالي بشأن خفض الفائدة.
توقعات خفض الفائدة الأمريكية ودعم محتمل للذهب
بحسب استطلاع «رويترز»، يتوقع معظم الخبراء أن يقوم الفيدرالي بخفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع 9 و10 ديسمبر.
يُعد هذا الخفض عاملًا داعمًا مباشرًا للذهب، إذ يؤدي انخفاض الفائدة إلى تقليل جاذبية أدوات الدين ويزيد الطلب على الذهب كمخزن آمن للقيمة.
كما ينتظر المستثمرون صدور مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي لشهر سبتمبر، وهو المقياس المفضل لدى الفيدرالي لقياس التضخم، المقرر إصداره اليوم عند الساعة 15:00 بتوقيت غرينتش.
تحركات المعادن النفيسة الأخرى
لم يقتصر الاهتمام على الذهب فقط، بل شهدت بقية المعادن النفيسة تحركات ملحوظة:
- الفضة ارتفعت بنسبة 1% إلى 57.68 دولار للأوقية، بعد وصولها الأربعاء إلى مستوى قياسي بلغ 58.98 دولار.
- البلاتين صعد بنسبة 0.1% ليسجل 1644.04 دولار للأوقية، رغم تسجيله خسارة أسبوعية.
- البلاديوم ارتفع بنسبة 1.1% ليصل إلى 1464.70 دولار، ومتجه لإنهاء الأسبوع على صعود.
وتعكس هذه التحركات حالة من التباين في الأسواق، لكنها تدل أيضًا على أن المستثمرين يتحركون بحذر في انتظار نتائج اجتماع الفيدرالي الأمريكي.



















