استضافت الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة مؤتمرًا بعنوان “التحول الصناعي نحو اقتصاد منخفض الكربون: فرص وتحديات قطاعي الأسمنت والألومنيوم في ضوء آلية تعديل حدود الكربون (CBAM)”، وذلك في إطار دعم توجه الدولة نحو الاقتصاد الأخضر وتعزيز قدرة الصناعة الوطنية على التكيف مع المتغيرات البيئية العالمية، وبمشاركة واسعة من الجهات الحكومية والقطاع الخاص وممثلي الصناعات الاستراتيجية.
وشهد المؤتمر مشاركة كل من الدكتورة داليا الهواري، نائب الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، والدكتورة نرمين أبو العطا، مستشار نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة للتنمية المستدامة ورئيس الأمانة الفنية للمجموعة الوزارية المشكلة للتعامل مع آليةCBAM، إلى جانب ممثلين عن هيئة الرقابة المالية والبورصة المصرية، ورؤساء وممثلي شركات قطاعي الأسمنت والألومنيوم.
وأكدت الدكتورة داليا الهواري أن قطاعي الأسمنت والألومنيوم يمثلان ركائز استراتيجية للتنمية الصناعية في مصر، مشيرة إلى أن آلية تعديل حدود الكربون (CBAM) لا تمثل تحديًا فحسب، بل تتيح فرصًا حقيقية لتعزيز نفاذ الصادرات المصرية إلى الأسواق العالمية، خاصة في ضوء انخفاض نسبة الانبعاثات الكربونية لمصر التي لا تتجاوز 0.69% من إجمالي الانبعاثات العالمية. وأوضحت أن المشروعات القومية للطاقة النظيفة، وفي مقدمتها مجمع بنبان للطاقة الشمسية، ومشروعات طاقة الرياح بخليج السويس، ومشروع الهيدروجين الأخضر بالعين السخنة، تمثل خطوات محورية في إعادة تموضع الصناعة المصرية على خريطة الاقتصاد الأخضر العالمي.
وأشارت الهواري إلى أن المؤتمر يأتي في سياق الزخم الذي تشهده العلاقات المصرية-الأوروبية، لا سيما في أعقاب الزيارة الأخيرة لرئيس الجمهورية إلى الاتحاد الأوروبي، وما أسفرت عنه القمة المصرية-الأوروبية في بروكسل (22 أكتوبر 2025)، والتي أكدت عمق الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، وحرصهما على تعزيز التعاون في مجالات الطاقة النظيفة والتحول الأخضر وجذب الاستثمارات المستدامة.
كما أوضحت أن الهيئة العامة للاستثمار وضعت خطة عمل داخلية للتعامل مع متطلبات تطبيق آلية تعديل حدود الكربون CBAM، من خلال المشاركة في مجموعة العمل الوزارية المعنية، برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة، وبأمانة فنية برئاسة الدكتورة نرمين أبو العطا، وبمشاركة ممثلي الوزارات المعنية والقطاع الخاص، بهدف إعداد خطة تنفيذية شاملة لدعم الصناعة الوطنية.
واختتمت كلمتها بالتأكيد على التزام الهيئة بدعم القطاع الخاص في تبني ممارسات الأعمال المستدامة، واعتبار آلية CBAM فرصة لبناء تنافسية صناعية مستدامة تضع مصر في على خريطة الاقتصاد الأخضر العالمي.
ومن جانبها، قدمت الدكتورة نرمين أبو العطا عرضًا شاملًا تناول محاور الإنتاج الأخضر والمستدام، ودوره في دورة حياة المنتج ورأس المال، إلى جانب استعراض أدوات التمويل الأخضر والمبادرات الوطنية الداعمة لتمويل القطاع الصناعي. وأكدت أهمية تبني سياسات وطنية لخفض الانبعاثات الكربونية، وتشجيع الابتكار والتكنولوجيا النظيفة، بما يضمن توافق المنتجات المصرية مع المعايير البيئية الدولية ويعزز قدرتها التنافسية.
وفي هذا السياق، استعرضت هيئة الرقابة المالية جهودها في دعم الاستدامة، حيث قدمت الأستاذة نورهان أشرف عرضًا حول أسواق الكربون الطوعية ودورها في جذب الاستثمارات المستدامة، مشيرة إلى إنشاء أول سوق طوعي لتداول شهادات خفض الانبعاثات لتعزيز الاستثمارات المستدامة ودعم التحول نحو الاقتصاد الأخضر في مصر. كما استعرض الأستاذ مصطفى حواس، خبير الاستدامة بالبورصة المصرية، سبل تمكين الشركات المصرية من المشاركة في الأسواق الطوعية وتعزيز فرص التمويل الأخضر للاستثمارات الصناعية المستدامة.
وعلى صعيد القطاع الصناعي، استعرض الدكتور/ أحمد شيرين، رئيس شعبة الأسمنت باتحاد الصناعات المصرية، التحديات والفرص التي تواجه قطاع الأسمنت في ضوء آلية تعديل حدود الكربون (CBAM) ومتطلبات الاستدامة البيئية، مؤكدًا أهمية تبني الابتكار والتكنولوجيا النظيفة في عمليات الإنتاج، وتحسين كفاءة الطاقة، واستخدام المواد الخام منخفضة الانبعاثات، بما يسهم في تعزيز القدرة التنافسية للصناعة الوطنية وتقليل الانبعاثات الكربونية. كما أشار إلى ضرورة تطوير استراتيجيات شاملة تدعم التحول نحو الإنتاج المستدام، والاستفادة من فرص التمويل الأخضر والمبادرات الوطنية، مشددًا على أن الالتزام بمعايير الاستدامة يمثل عنصرًا أساسيًا للحفاظ على الحصة السوقية للشركات المصرية ودعم نفاذ الصادرات إلى الأسواق الأوروبية والعالمية في ظل التحديات البيئية المتزايدة.
كما تناول الأستاذ/ ناصر ثابت، رئيس القطاعات المالية بشركة مصر للألومنيوم، أبرز الفرص والتحديات التي يواجهها قطاع الألومنيوم في ظل آلية تعديل حدود الكربون، مؤكدًا أن الالتزام بالمعايير البيئية وتبني التكنولوجيا النظيفة وتحسين كفاءة الطاقة يمثلان عناصر رئيسية لتعزيز تنافسية الصناعة المصرية والحفاظ على حصتها السوقية في الأسواق العالمية.
واختُتم المؤتمر بالتأكيد على أهمية تعزيز التحول الصناعي نحو الاقتصاد الأخضر، ودعم تنافسية الصناعة المصرية، وتهيئة بيئة استثمارية مستدامة تمكّن الشركات من التكيف مع المتغيرات البيئية العالمية وتعظيم فرص النمو المستدام.

















