شهدت أسعار النفط العالمية، اليوم الثلاثاء 23 ديسمبر 2025، تراجعًا ملحوظًا بعد مكاسب قوية تجاوزت 2% خلال جلسة التداول السابقة، في ظل تداخل عوامل سياسية وجيوسياسية ألقت بظلالها على أسواق الطاقة. وجاء هذا التراجع مدفوعًا بإعلان الولايات المتحدة احتمال بيع شحنات من النفط الفنزويلي التي جرى احتجازها مؤخرًا، إلى جانب تصاعد المخاوف المتعلقة بأمن الإمدادات العالمية نتيجة زيادة الهجمات المتبادلة بين روسيا وأوكرانيا، خاصة في منطقة البحر الأسود التي تُعد شريانًا حيويًا لتصدير الطاقة والسلع.
وتعكس هذه التحركات حالة عدم اليقين التي تسيطر على السوق، حيث تتقاطع قرارات سياسية أمريكية مع صراعات عسكرية مفتوحة، في وقت تحاول فيه الأسواق موازنة وفرة الإمدادات الحالية مع مخاطر الاضطرابات المحتملة خلال الفترة المقبلة.

أسعار النفط اليوم
انخفضت أسعار النفط في تعاملات اليوم الثلاثاء، حيث تراجعت العقود الآجلة لخام برنت بنسبة 0.2% لتسجل 61.92 دولارًا للبرميل، كما هبط خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بنسبة 0.2% ليصل إلى 57.88 دولارًا للبرميل.
ويأتي هذا التراجع بعد جلسة قوية أنهى فيها الخامان تعاملات أمس على ارتفاع تجاوز 2%، إذ حقق خام برنت أفضل أداء يومي له في نحو شهرين، بينما سجل خام غرب تكساس الوسيط أكبر مكاسب يومية منذ منتصف نوفمبر الماضي.
النفط الفنزويلي في قلب القرار الأمريكي
في إطار سياسة الضغط الأمريكية على فنزويلا، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الولايات المتحدة قد تلجأ إلى بيع شحنات النفط التي احتجزتها قبالة السواحل الفنزويلية خلال الأسابيع الماضية، أو الاحتفاظ بها لاستخدامات مستقبلية.
وأشار ترامب إلى أن هذه الكميات قد تُستخدم في إعادة ملء الاحتياطي الاستراتيجي الأمريكي، مؤكدًا في الوقت نفسه أن تنحي الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو عن السلطة سيكون خطوة “حكيمة”، بحسب تعبيره.
وقد أثارت هذه التصريحات حالة من الترقب في الأسواق، نظرًا لتأثير أي خطوة أمريكية بشأن النفط الفنزويلي على توازن العرض والطلب العالمي.
توقعات باركليز لأسواق النفط
من جانبه، أوضح بنك باركليز في مذكرة صدرت أمس الاثنين، أنه حتى في حال تراجعت صادرات النفط الفنزويلية إلى الصفر على المدى القريب، فإن أسواق النفط العالمية ستظل مزودة بإمدادات كافية خلال النصف الأول من عام 2026.
لكن البنك حذر في الوقت ذاته من أن فائض النفط العالمي قد يتقلص ليصل إلى نحو 700 ألف برميل يوميًا خلال الربع الأخير من عام 2026، مشيرًا إلى أن أي اضطرابات ممتدة في الإمدادات قد تؤدي إلى تشديد السوق واستنزاف الزيادات الأخيرة في المخزونات.
التوترات الروسية الأوكرانية ومخاوف الإمدادات
وفي سياق متصل، أسهمت التطورات العسكرية بين روسيا وأوكرانيا في تعزيز المخاوف بشأن سلامة الإمدادات وحركة الشحن. فقد شهدت منطقة البحر الأسود، وهي مسار تصدير رئيسي للطاقة والسلع لكلا البلدين، تبادلًا للهجمات على منشآت حيوية.
وقصفت القوات الروسية ميناء أوديسا الأوكراني، ما تسبب في أضرار بمرافق الميناء وإحدى السفن، في ثاني هجوم يستهدف المنطقة خلال أقل من 24 ساعة. وفي المقابل، أعلنت السلطات الروسية أن هجومًا بطائرات مسيّرة أوكرانية ألحق أضرارًا بسفينتين ورصيفين، وأشعل حريقًا في منطقة كراسنودار.
هذه التطورات زادت من قلق الأسواق حيال استقرار الإمدادات العالمية، خاصة مع حساسية منطقة البحر الأسود لحركة تجارة الطاقة.
أسواق النفط بين وفرة الإمدادات ومخاطر الاضطراب
تعكس التحركات الأخيرة لأسعار النفط حالة من التوازن الهش بين وفرة الإمدادات الحالية والمخاطر الجيوسياسية المتصاعدة.
فبينما تشير التقديرات إلى كفاية المعروض خلال المدى القريب، تظل الأسواق شديدة الحساسية لأي تطورات مفاجئة سواء على صعيد العقوبات، أو النزاعات العسكرية، أو القرارات السياسية الكبرى، ما يجعل مسار أسعار النفط خلال الفترة المقبلة مرهونًا بتطورات المشهد الدولي.



















