تعتبر سورة الكهف من السور المباركة التي حظيت بمكانة خاصة في الإسلام، وخاصة في يوم الجمعة، إذ تعد هذه السورة من أهم السور التي يُستحب قراءتها في هذا اليوم، لما لها من فضل عظيم وأحكام مستندة إلى السنة النبوية، في هذا التقرير، نستعرض أحكام قراءة سورة الكهف وفضلها في يوم الجمعة، بالإضافة إلى الحكمة من هذه القراءة.
مكانة سورة الكهف في يوم الجمعة
تأكيدًا على أهمية قراءة سورة الكهف يوم الجمعة، أكدت دار الإفتاء المصرية أن الاستحباب لا يقتصر على وقت محدد قبل الصلاة، بل يمكن قراءتها في أي وقت من يوم الجمعة وليلتها، وقد أشار العلماء، من بينهم الحنفية والشافعية والحنابلة، إلى أن قراءة هذه السورة في يوم الجمعة يُعد مستحبًا، مستندين في ذلك إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه أبو سعيد الخدري: “من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين”.
وتحتوي سورة الكهف على 110 آيات، وتقع في وسط القرآن الكريم بين الجزئين الخامس عشر والسادس عشر، وتتناول مواضيع عدة تشمل التحذير من الفتن والتبشير والإنذار، بالإضافة إلى قصص تعكس تجارب بشرية متنوعة، مثل قصة أصحاب الكهف، التي تعطي السورة اسمها.
ويُعتبر يوم الجمعة يومًا مميزًا في الإسلام، حيث يُجمع فيه المسلمون للصلاة ويخصص للعبادة، وقد أظهرت الأحاديث النبوية الشريفة أهمية قراءة سورة الكهف في هذا اليوم، حيث تعود الفوائد الروحية والمعنوية إلى القارئ، وقد أكد علماء مثل ابن القيم والنووي أن قراءة هذه السورة تعود بالنور والبركة على من يقرأها.
الحكمة من قراءة سورة الكهف
تشير الحكمة من قراءة سورة الكهف يوم الجمعة إلى دورها في حماية الفرد من الفتن التي قد تواجهه في حياته، فالسورة تتناول عدة فتن، منها فتنة الدجال، الذي سيطلب من الناس عبادته، ويعتمد في ذلك على عدة وسائل مثل القدرة على التحكم في الطبيعة (مثل إنزال المطر) وفتن المال والمعرفة والسلطة.
وللتصدي لهذه الفتن، تم تقديم عدة نصائح في القرآن الكريم. فعلى سبيل المثال، النجاة من فتنة الدين تستلزم الارتباط بالصحبة الصالحة، حيث قال الله تعالى: «وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ» (الكهف: 28). ومن ناحية أخرى، يعتبر التواضع مفتاح النجاة من فتنة العلم، كما أشار إلى ذلك الله تعالى في قصة سيدنا موسى.
وفي مواجهة فتنة المال، يتعين على المسلم أن يدرك حقيقة الدنيا ويعرف أنها زائلة، أما في مواجهة فتنة السلطة، فإن الإخلاص لله هو السبيل للحفاظ على النفس من الانجراف وراء السلطة الزائفة، كما أكد القرآن الكريم في قوله: «فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا» (الكهف: 110).
وبهذا، تشكل سورة الكهف مرشدًا روحياً ونفسياً للمؤمنين، فهي ليست مجرد نص ديني يُقرأ، بل هي رسالة تحذيرية وتوجيهية في مواجهة التحديات التي قد تعترض طريق الإنسان في حياته.
وفي الختام، فإن قراءة سورة الكهف يوم الجمعة تُعد من السنن التي تعود بالنفع على الفرد في الدنيا والآخرة، وهي فرصة لتعزيز العلاقة مع الله والارتقاء بالروحانية؛ لذا، يُستحب لكل مسلم الحرص على قراءة هذه السورة والاستفادة من معانيها وأحكامها في حياته اليومية.