بعد مرور ستة أشهر على إطلاقها الأولي المثير للجدل، أعادت شركة مايكروسوفت ميزة “Recall” إلى إصدارات المعاينة التجريبية لنظام ويندوز 11، في خطوة تهدف إلى اختبار تحسينات جديدة تُعالج الثغرات الأمنية التي واجهتها النسخة السابقة.
ورغم التعديلات التي أجرتها الشركة، فإن الميزة ما زالت تُثير تساؤلات حول فعاليتها في حماية البيانات الحساسة وضمان أمان المستخدمين.
التحديات الأمنية ومخاوف المستخدمين
تهدف ميزة “Recall” إلى استخدام الذكاء الاصطناعي لالتقاط لقطات شاشة دورية وحفظها محليًا على الأجهزة المدعومة، مما يسمح للمستخدمين بالوصول إلى المحتوى السابق المعروض على الشاشة بسهولة من خلال وظيفة بحث، ورغم أن هذه الفكرة قد تبدو عملية ومبتكرة، فإن التجارب الأخيرة كشفت عن أداء متباين في التعامل مع البيانات الحساسة.
في تجربة أجراها موقع “توم هاردوير”، أظهرت الميزة نتائج مختلطة، ففي بعض الحالات، تمكنت “Recall” من التعرف على البيانات الحساسة مثل أرقام بطاقات الائتمان وأرقام الضمان الاجتماعي ومنع التقاطها.
ومع ذلك، في حالات أخرى، فشلت الميزة في تصفية البيانات، مما أدى إلى التقاط معلومات حساسة بالكامل دون أي تصفية، حتى عندما كانت الأدلة على حساسية البيانات واضحة.
على سبيل المثال، التقطت الميزة بيانات مثل رقم بطاقة ائتمان من ملف نصي في Notepad، ونسخة كاملة من طلب قرض مكتمل عبر متصفح Edge، وصفحات HTML تحتوي على معلومات حساسة مثل رمز الحماية (CVC) وتاريخ انتهاء البطاقة، هذه الثغرات أثارت قلق المستخدمين من إمكانية تسريب معلومات حساسة أو استخدامها بشكل غير مصرح به.
رغم المشكلات المكتشفة، هناك مؤشرات إيجابية حول أداء الميزة، فقد نجحت “Recall” في تجاهل المعلومات الشخصية المرتبطة أثناء التعامل مع مواقع التجارة الإلكترونية، مما يعكس جهود مايكروسوفت لتحسين قدرتها على تصنيف البيانات.
وأكدت الشركة أنها تعمل على تحسين الفلاتر لتكون قادرة على التعرف على البيانات الحساسة بنسبة أعلى، لكنها اعترفت بأن هذه التقنية لا تزال بحاجة إلى مزيد من العمل.
في محاولة لطمأنة المستخدمين، أوضحت مايكروسوفت أن جميع اللقطات التي تلتقطها ميزة “Recall” يتم تشفيرها بشكل كامل ولا يمكن الوصول إليها إلا بعد التحقق من هوية المستخدم من خلال برنامج Windows Hello، كما أكدت أن اللقطات لا تغادر الجهاز مطلقًا، وأن خيار إيقاف تشغيل الميزة يؤدي إلى حذف جميع البيانات المخزنة فورًا.
ورغم هذه الضمانات، نصحت الشركة المستخدمين بالإبلاغ عن أي مشكلات متعلقة بتصفية البيانات عبر تطبيق Feedback Hub، مؤكدةً أن الميزة لا تزال قيد المعاينة العامة.
مع النسخة الجديدة، وسّعت مايكروسوفت نطاق الأجهزة التي تدعم ميزة “Recall”، لتشمل الآن أجهزة تعمل بمعالجات AMD وإنتل، مما يزيد من عدد المستخدمين الذين يمكنهم الوصول إليها، ومع ذلك، يوصي الخبراء بأن ينتظر المستخدمون حتى يتم تحسين الميزة بشكل كامل قبل الاعتماد عليها، خاصةً عند التعامل مع بيانات حساسة.
تعكس هذه التطورات تحديات مستمرة تواجه الشركات التقنية الكبرى عند تقديم ميزات تعتمد على الذكاء الاصطناعي، بينما تُظهر ميزة “Recall” إمكانيات واعدة لتحسين إنتاجية المستخدمين، فإن المخاوف المتعلقة بحماية الخصوصية والأمان الرقمي لا يمكن تجاهلها.
مع تزايد الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية، يتطلب تقديم ميزات مثل “Recall” تحقيق توازن دقيق بين الابتكار وحماية البيانات.
وبينما تواصل مايكروسوفت تطوير وتحسين هذه التقنية، يبقى المستخدمون في حاجة إلى توخي الحذر عند استخدام ميزات تتعامل مع البيانات الحساسة، إلى أن يتم التأكد من جاهزيتها الكاملة واعتمادها بشكل آمن وموثوق.
