س تواجه وزارة التموين والتجارة الداخلية أزمة جديدة تهدد مصداقية أحد أبرز مشاريعها التنموية، وهو مشروع جمعيتي، الذي انطلق بهدف دعم الاقتصاد الوطني وتوفير فرص عمل للشباب، خاصة في محافظات الصعيد، إلى جانب سد الفجوة في المنافذ التموينية لصرف السلع المدعومة للمواطنين بجميع أنحاء مصر.
القضية تكشفت بعد توجيهات الدكتور شريف فاروق، وزير التموين والتجارة الداخلية، بتكليف لجان تفتيش من الشركة المصرية لتجارة الجملة، التابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية، بمراجعة نشاط المشروع في محافظات الصعيد. وخلال هذه الحملة، اكتُشف وجود 12 منفذًا غير مرخص تعمل بشكل غير قانوني في محافظة قنا، ورغم عدم استيفائها للشروط القانونية، تلقت هذه المنافذ سلعًا بقيمة 54 مليون جنيه.
في ضوء هذه التجاوزات، قرر محمد حسن الباهي، العضو المنتدب للشركة المصرية لتجارة الجملة، إيقاف 5 موظفين من منطقتي قنا والأقصر عن العمل مؤقتًا لحين انتهاء التحقيقات. وتشير المصادر إلى أن التحقيقات مستمرة لكشف ملابسات هذه القضية وضمان محاسبة المتورطين.
ورغم أن نتائج التحقيقات في باقي المحافظات لم تُعلن رسميًا حتى الآن، أفادت مصادر مطلعة بوجود 15 منفذًا غير مرخص في محافظة الفيوم، و25 منفذًا في محافظة المنيا، مما يثير مخاوف من امتداد الفساد إلى مناطق أخرى. ومع ذلك، لم توضح الوزارة بعد الإجراءات التي ستُتخذ ضد هذه المنافذ، أو قيمة السلع التي تم صرفها لها حتى الآن.
مشروع “جمعيتي” يواجه الفساد
يُعد مشروع جمعيتي أحد المشروعات القومية الكبرى التابعة لوزارة التموين والتجارة الداخلية، وتم إطلاقه بالتعاون مع جهازتنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، بموجب بروتوكول تعاون تم توقيعه في مايو 2015. يهدف المشروع إلى زيادة عدد المنافذ السلعية التابعة للدولة، وتوفير فرص عمل للشباب في جميع محافظات الجمهورية، وضمان توفير السلع الأساسية للمواطنين بأسعار مناسبة، خاصة في المناطق النائية والمحرومة، وحتى الآن، بلغ عدد المنافذ التي تم تشغيلها 8250 منفذًا، يستفيد منها نحو 1.1 مليون مواطن على مستوى الجمهورية.
شروط إنشاء منفذ جمعيتي
لضمان نزاهة المشروع وفاعليته، وضعت الوزارة عدة شروط للحصول على ترخيص إنشاء منفذ جمعيتي، أبرزها:
- أن يقع المشروع ضمن الخريطة الجغرافية لاحتياجات التموين.
- إقامة المنفذ في نفس المحافظة التي ينتمي إليها المتقدم.
- امتلاك محل تجاري أو عقد إيجار لا يقل عن 5 سنوات.
- مساحة المحل لا تقل عن 30 مترًا ولا تزيد عن 50 مترًا.
- أن يكون عمر المتقدم بين 18 و45 عامًا، مع تقديم شهادة إنهاء الخدمة العسكرية.
- وجود مسافة لا تقل عن 500 متر بين المنفذ وأي بقال تمويني آخر أو منفذ جمعيتي قائم.
الفساد يهدد نجاح المشروع
رغم الأهداف النبيلة للمشروع، فإن هذه القضية كشفت عن ثغرات رقابية خطيرة سمحت لبعض المنافذ غير المرخصة بالحصول على سلع تموينية دون وجه حق، وهو ما يتطلب من الجهات الرقابية تكثيف جهودها لضمان التزام جميع المنافذ بشروط التشغيل.
تُعد هذه الواقعة ناقوس خطر يستدعي تدخلًا عاجلًا من الجهات المعنية لضمان حماية المال العام ومنع استغلال المبادرات الحكومية، وفي انتظار نتائج التحقيقات، تتجه الأنظار إلى وزارة التموين والإجراءات الحاسمة التي ستتخذها لضمان استمرارية المشروع بنزاهة وفاعلية.