تترقب المنطقة الاقتصادية لقناة السويس إجمالي استثمارات بأكثر من 90 مليار دولار في صناعة الهيدروجين الأخضر، حسبما كشف نائب رئيس المنطقة محمد عبدالجواد.
11 اتفاقية إطارية في مجال الهيدروجين الأخضر
تأني هذه الاستثمارات عبر 11 اتفاقية إطارية وُقِّعت بالشراكة بين المنطقة الاقتصادية، والصندوق السيادي، ووزارة الكهرباء، وشركاتها التابعة، مع مستثمرين وتحالفات استثمارية عربية وعالمية، حسبما أفاد عبد الجواد في مقابلة على هامش “منتدى الاستثمار والأعمال المصري الكويتي” في القاهرة.
يُصنع الهيدروجين الأخضر عبر استخدام طاقة الرياح والطاقة الشمسية لتقسيم ذرات الماء، ويُنظر إلى هذا النوع من الوقود على أنه حاسم في التحوّل إلى الطاقة النظيفة في العقود القادمة.
إجمالي الاستثمارات الأجنبية
كانت حكومة البلاد تتوقع أن يصل إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مشروعات الهيدروجين الأخضر إلى نحو 81.6 مليارات دولار بحلول 2035. وتستهدف الحكومة التوسع في تلك المشروعات، حيث وضعت استراتيجية وطنية خاصة لذلك، وتهدف إلى دمجها في استراتيجية الطاقة 2035، في إطار خطط التحول إلى الحياد الكربوني، وخفض الانبعاثات من قطاع الطاقة.
لدى مصر القدرة على إنتاج الهيدروجين الأخضر بأقل تكلفة في العالم، ومن المقرر أن تنخفض تكلفة الإنتاج لتصل إلى 1.7 دولار/كيلو غرام عام 2050 مقارنة بـ2.7 دولار/كيلو غرام عام 2025، ومن المتوقع أن تسهم الاستراتيجية بتخفيض واردات مصر من المواد البترولية، وتقليل انبعاثات الكربون، وفق بيان حكومي سابق.
تطرق عبد الجواد أيضاً إلى أهمية الصناعات المغذية لصناعة الهيدروجين الأخضر، كصمامات المياه التي تحتاجها محطات التحلية، والمحللات الكهربائية، بعد أن نجحت المنطقة بالفعل بجذب استثمارات مرتبطة بتوطين صناعة الألواح الشمسية.
ومنذ استضافتها قمة المناخ “كوب 27” في مدينة شرم الشيخ في 2022، وقعت مصر مذكرات تفاهم مع عدة مستثمرين، لتدشين مشروعات لإنتاج الكهرباء بإجمالي قدرات حوالي 115 غيغاواط، تشمل 63 غيغاواط من طاقة الرياح، و52 غيغاواط من الطاقة الشمسية.
استثمارات جديدة بـ3 مليارات دولار
يجري ضخ استثمارات جديدة بقيمة تناهز 3 مليارات دولار في مشروعات البنية التحتية والخدمات والمرافق، إضافةً إلى أكثر من 3 مليارات دولار جرى استثمارها مؤخراً، حسبما أوضح عبدالجواد.
أضاف أن المنطقة “جذبت 272 مشروعاً باستثمارات تجاوزت 6 مليارات دولار في العامين الماليين الماضيين، والعام المالي الجاري الذي ينتهي يونيو المقبل”.
استقطبت المنطقة مؤخراً مجموعة مشروعات تعزز مكانتها كمركز صناعي ولوجستي في عدة مجالات، من بينها مشروع إنشاء مصنع لإطارات السيارات باستثمارات مليار يورو، وغيرها من المشروعات اللوجيستية والصناعية والخدماتية.
أهمية الهيدروجين الأخضر
قالت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، إن الهيدروجين الأخضر يلعب دورًا مهمًا في مصر في الآونة الأخيرة، حيث تستطيع مصر بفضل مصادر الطاقة المتجددة المتوفرة أن توفر جوانب أساسية من الأمونيا الخضراء لتصديرها إلى الدول الأوروبية، كما تمتلك الدولة العديد من المشروعات في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وكلها مشروعات تركز على الهيدروجين الأخضر كمكون رئيس.
جاء ذلك خلال مشاركتها في جلسة نقاشية بعنوان “تحفيز الاستثمار المناخي: إطلاق رأس المال لتحقيق النمو المستدام”، والتي نظمها صندوق النقد الدولي، بمشاركة ماكس فونتين، وزير البيئة والتنمية المستدامة بمدغشقر، وديبورا ريفولتيلا، مديرة قسم الاقتصاد ببنك الاستثمار الأوروبي، وأريك بيلوفسكي، نائب رئيس مؤسسة روكفلر.
وأضافت “المشاط”، أنه لا يمكن الحديث عن الهيدروجين الأخضر دون الأخذ في الاعتبار الرحلة التي قطعناها في مجال الطاقة المتجددة، مؤكدة أهمية مصادر الطاقة المتجددة كالشمس والرياح والتي تنعم بها مصر، موضحة أن سعي مصر نحو بدء إنتاج الهيدروجين الأخضر بدأ في عام 2014.
وأشارت إلى أهمية الشراكات الدولية في هذا المجال، مصر لديها عدد من الشركاء الدوليين منها بنك الاستثمار الأوروبي، مؤكدة أن الانتقال الأخضر ليس فقط متعلقًا بالمساهمات المحددة وطنيًا، لكنه يعد كذلك قضية تنموية، تتعلق بالنمو، والتوظيف، والتصنيع، فهناك سلسلة كاملة من الأنشطة الاقتصادية التي تعزز الإنتاجية للدول، وهذه الأنشطة مرتبطة ارتباطًا مباشرًا بالاستثمارات المناخية.
مشروعات المياه والغذاء والطاقة
وتناولت “المشاط”، الحديث حول منصة “نُوَفّي” محور الارتباط بين مشروعات المياه والغذاء والطاقة، والتي تُعد أحد المشروعات التي تساعدنا في الوفاء بمساهماتنا المحددة وطنيًا، مثل هدفنا للوصول إلى 42% من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030.
وأضافت “المشاط”، أنه منذ إطلاق منصة “نُوفّي” في 2022، تم حشد نحو 4 مليارات دولار من التمويل التنموي للقطاع الخاص، لتمويل استثمارات الطاقة المتجددة.
كما أكدت أهمية توضيح مصادر التمويل المختلفة المتاحة، وأهمية رفع الوعي لدى الدول بالمصادر المختلفة للتمويل، مشددة على أهمية تعاون الحكومات مع القطاع الخاص لمعرفة كيفية الاستفادة من هذه الموارد.
وأوضحت أن مصر لديها علاقات قوية مع العديد من المؤسسات الثنائية ومتعددة الأطراف، حيث توفر الدولة المصرية منصة لهذه المؤسسات للعمل معًا، لذا نجد بنك الاستثمار الأوروبي، والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، والوكالة الفرنسية للتنمية، والوكالة اليابانية للتعاون الدولي يعملون معًا على مشاريع مشتركة، سواء في مجالات النقل المستدام أو الطاقة المتجددة أو غيرها.
وأكدت ضرورة وجود مزيد من الحوار بين الدول، وأهمية مناقشة تجارب الدول المختلفة، حتى يتمكن الآخرون الذين لم يبدؤوا بعد، من تصميم مشاريعهم الخاصة والاستفادة من الخبرات المختلفة، مما يساعد في توفير الوقت، خاصة في ظل الظروف العالمية الحالية التي تفرض التحرك السريع في تطوير الأطر التنظيمية والسياسات والتمويلات.
كما تطرقت إلى الشراكة مع صندوق النقد الدولي، والموافقة التي صدرت مؤخرًا حول تسهيل المرونة والاستدامة بقيمة 1.3 مليار دولار، مؤكدةً أن الاتفاق مع صندوق النقد يتضمن تنفيذ إصلاحات هيكلية لدعم الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية، وتسريع التحول الأخضر في مصر، مشيرة إلى أن توسيع نطاق برنامج “نُوَفِّي” بضم مشروعات جديدة في مجالي التخفيف والتكيف هو جزء أساسي من هذه الإصلاحات، وقد تم تنفيذ ذلك بالفعل.