سجلت أسعار الذهب العالمية تراجعًا طفيفًا خلال تعاملات اليوم الأربعاء، وسط ارتفاع مؤشر الدولار الأمريكي وتراجع التوترات التجارية التي دعمت شهية المخاطرة في الأسواق.
ويأتي هذا التراجع في الوقت الذي يترقب فيه المستثمرون بيانات اقتصادية أميركية مهمة قد تحمل مؤشرات حاسمة بشأن توجهات السياسة النقدية للفترة المقبلة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي).
وانخفض سعر الذهب الفوري بنسبة 0.3% ليسجل نحو 3306.18 دولارًا للأوقية (الأونصة)، ليتراجع من المستويات المرتفعة التي سجلها مؤخرًا، رغم احتفاظ المعدن الأصفر بمكاسب قوية على مدار الشهر الجاري.
الذهب لا يزال على المسار لتحقيق مكاسب شهرية
ورغم التراجع المسجّل اليوم، إلا أن الذهب لا يزال يتجه لتحقيق مكاسب شهرية معتبرة، إذ ارتفع بنحو 6% منذ بداية أبريل 2025، ما يضعه على مشارف تسجيل رابع مكاسبه الشهرية على التوالي.
ويعكس هذا الاتجاه استمرار الطلب القوي على الذهب كملاذ آمن، في ظل التقلبات الاقتصادية والجيوسياسية التي تهيمن على المشهد العالمي.
الذهب يبلغ ذروته التاريخية في أبريل
وكان الذهب قد سجل أعلى مستوى له على الإطلاق في 22 أبريل الجاري، حين بلغ سعر الأوقية 3500.05 دولار، مدعومًا بموجة شراء قوية من قبل المستثمرين الباحثين عن أصول آمنة في ظل تصاعد الاضطرابات الاقتصادية العالمية، وتزايد المخاوف بشأن تباطؤ النمو في كبرى الاقتصادات، إلى جانب استمرار التوترات الجيوسياسية في مناطق عدة من العالم.
الدولار الأقوى يضغط على المعدن النفيس
يُعد ارتفاع الدولار الأمريكي أحد العوامل الرئيسية التي ضغطت على أسعار الذهب اليوم، إذ يؤدي صعود الدولار إلى جعل الذهب، المقوّم بالدولار، أكثر تكلفة لحائزي العملات الأخرى، ما يقلّص من جاذبيته كأصل استثماري.
وقد ارتفع مؤشر الدولار أمام سلة من العملات الرئيسية خلال جلسات التداول الأخيرة، مدعومًا بتوقعات متزايدة بشأن إبقاء الفيدرالي على أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول من المتوقع.
الأسواق تترقب بيانات اقتصادية مفصلية
تتجه أنظار المستثمرين حول العالم إلى البيانات الاقتصادية الأمريكية المرتقبة، وعلى رأسها بيانات الناتج المحلي الإجمالي ومؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE) – المعيار المفضل لدى الفيدرالي لقياس التضخم.
ومن المتوقع أن تُسهم هذه البيانات في تشكيل رؤية أوضح بشأن توقيت ووتيرة خفض أسعار الفائدة في الأشهر المقبلة، وهو ما سيكون له تأثير مباشر على حركة أسعار الذهب والعملات.
الذهب تحت تأثير التوازن بين الفائدة والمخاطر العالمية
في الوقت الراهن، يقف الذهب في مفترق طرق بين مؤثرين متضادين: فمن جهة، يدعم تراجع الفائدة احتمالات مزيد من المكاسب للذهب، ومن جهة أخرى، يضغط ارتفاع الدولار واستقرار الأسواق المالية على أسعاره نحو الهبوط.
ويقول خبراء الأسواق إن أي إشارات من الاحتياطي الفيدرالي تدل على احتمال تأجيل خفض الفائدة قد تدفع الذهب إلى موجة تصحيح قصيرة الأجل، رغم التوجه العام الإيجابي.
توقعات الذهب في ظل تقلبات الأسواق
ويرى محللون أن الذهب لا يزال يحتفظ بجاذبيته على المدى المتوسط، خاصة في ظل القلق المستمر من التضخم المرتفع والمخاطر الجيوسياسية العالمية، مثل الحرب في أوكرانيا، والتوترات في الشرق الأوسط، وأزمات الديون في الأسواق الناشئة.
كما أن البنوك المركزية حول العالم واصلت دعم احتياطاتها من الذهب، ما يعزز من الطلب على المعدن النفيس كمصدر استقرار.
توصيات للمستثمرين
ينصح خبراء الاقتصاد والمحللون الماليون المستثمرين بمراقبة تطورات السوق عن كثب، وتجنب القرارات العشوائية بناءً على تحركات آنية، مؤكدين على أهمية تنويع المحافظ الاستثمارية بين الذهب وأصول أخرى مثل الأسهم والسندات والعملات، لضمان تحقيق توازن جيد بين العائد والمخاطر، خاصة في فترات التقلّب العالي.