تخطت قيمة الطلبات المقدمة من مستثمري قطاع السياحة في مصر للحصول على تمويلات ضمن مبادرة الحكومة الأخيرة لدعم القطاع، 200 مليار جنيه، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف المخصصات الأساسية للمبادرة، والبالغة 50 مليار جنيه.
مبادرة لدعم شركات السياحة
أطلقت مصر في أكتوبر 2024 مبادرة بقيمة 50 مليار جنيه لدعم الشركات العاملة في قطاع السياحة، بهدف زيادة عدد الغرف الفندقية، بفائدة متناقصة قدرها 12%، على أن يكون الحد الأقصى لتمويل العميل الواحد مليار جنيه، وملياري جنيه للأطراف المرتبطة، شريطة التزام الشركات المستفيدة ببيع 40% من إيراداتها من العملات الأجنبية للبنوك.
تسعى وزارة السياحة إلى مطالبة الحكومة بزيادة الشريحة المخصصة، أو إطلاق مبادرة جديدة، حتى يتمكن المستثمرون الجدد من الاستفادة منها، وذلك بعد أن لاقت المبادرة إقبالاً كبيراً من المستثمرين، بحسب المسؤول.
تأتي هذه المبادرة بعد سنوات من تصنيف قطاع السياحة في مصر على أنه عالي المخاطر من قبل معظم البنوك، نتيجة تداعيات جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، اللتين تسببتا في تراجع حاد لإيرادات السياحة، إلا أن الحركة السياحية بدأت تعود إلى مستوياتها الطبيعية منذ العام الماضي.
زيادة عدد السائحين
ارتفع عدد السياح الوافدين إلى مصر خلال الربع الأول من العام الجاري بنسبة 25% على أساس سنوي، ليبلغ 3.9 مليون سائح، وفقاً لتصريحات وزير السياحة والآثار، شريف فتحي، لـ”الشرق” في وقت سابق من هذا الأسبوع.
كما ارتفع عدد السائحين بنحو 5% خلال عام 2024 مقارنةً بعام 2023، ليصل إلى 15.7 مليون سائح، رغم الاضطرابات الجيوسياسية في المنطقة، والتي أثّرت بشكل مباشر على السياحة، التي تُعد أحد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة، إذ ناهزت إيراداتها في العام الماضي 16 مليار دولار.
في وقت سابق من الشهر الجاري، أصدر وزير السياحة والآثار قراراً ينظم شروط وضوابط ترخيص وحدات “شقق العطلات”، وهو نمط جديد من الإقامة الفندقية، في إطار جهود الحكومة المصرية لزيادة الطاقة الفندقية، تماشياً مع النمو المتوقع في أعداد السائحين.
واصل مصر والسعودية تأكيد مكانتيهما كأبرز وجهتين للمسافرين في منطقة الشرق الأوسط، بفضل البنية التحتية المتطورة، والطلب القوي على مدار العام، بالإضافة إلى بروزهما كوجهتين بديلتين محتملتين للولايات المتحدة التي تراجع ترتيبها في ظل عدم اليقين العالمي.
مصر والسعودية في صدارة تصنيف منصة السفر
حافظت الدولتان على صدارة تصنيف منصة السفر الإلكتروني “ويجو” (Wego) لوجهات السفر الأبرز لدى المسافرين بالمنطقة خلال الشهور الأربعة الأولى من 2025، استناداً إلى أفضليات مستخدمي التطبيق.
“اهتمام المسافرين من الشرق الأوسط بالولايات المتحدة التي لطالما كانت، إلى جانب بريطانيا، وجهتهم المفضلة آخذ في التراجع في ظل تشديد سياسات التأشيرات ودخول الحدود، وفقاً لتقرير “ويجو”.
مصر والسعودية قد تستفيدان من عزوف السياح المحتمل عن السفر إلى الولايات المتحدة الناجم أيضاً عن تزايد القيود على الحدود وتصاعد التوترات الجيوسياسية، وازدياد عدم اليقين الاقتصادي العالمي، وفي ظل الحرب التجارية التي أطلق الرئيس دونالد ترمب شرارتها بفرض رسوم جمركية مرتفعة على العديد من الدول أبرزها الصين وكندا والمكسيك.
وبحسب بيانات نشرتها إدارة التجارة الدولية الأميركية الأسبوع الماضي، انخفض عدد الوافدين جواً إلى البلاد بنحو 10% في مارس مقارنة بالعام الماضي، وفق ما أوردته “بلومبرغ”.
مصر تسعى لمضاعفة عدد السياح
تستهدف مصر، التي تعتمد على السياحة كمصدر أساسي للنقد الأجنبي، استقبال 30 مليون سائح سنوياً بحلول عام 2030، وتطمح في سبيل ذلك إلى إضافة أكثر من 200 ألف غرفة فندقية جديدة خلال 3 إلى 4 سنوات، مقارنة مع عددها الحالي البالغ نحو 230 ألف غرفة.
كما حددت الحكومة موعد افتتاح “المتحف المصري الكبير” في يوليو المقبل متوقعةً أن يجذب خمسة ملايين سائح سنوياً.
اجتذبت مصر، التي لطالما احتلت الصدارة في سوق السفر بالمنطقة بفضل آثارها العريقة ومنتجعاتها الشاطئية والرحلات البحرية في نهر النيل، عدداً قياسياً بلغ 15.78 مليون سائح خلال العام الماضي، على الرغم من الحرب بين إسرائيل وحماس على الحدود الشمالية الشرقية للبلاد، وثلاث سنوات من الصراع بين روسيا وأوكرانيا، الدولتان اللتان كان مواطنوهما يشكلون ذات يوم نسبة كبيرة من الزوار.
باتت مصر من بين وجهات بديلة للولايات المتحدة يختارها المسافرون من أوروبا، إلى جانب كندا وأميركا الجنوبية، بحسب ما قاله الرئيس التنفيذي لمجموعة الفنادق الفرنسية الكبيرة “أكور” (Accor SA) لـ”بلومبرغ” في مطلع الشهر الجاري.