أعلنت مصر رسمياً دخولها عصر الجيل الخامس من شبكات الاتصالات المحمولة (5G)، في خطوة تعد نقلة نوعية ستغيّر شكل الاتصال الرقمي في البلاد. فقد بدأت شركات المحمول الأربع العاملة في السوق المصرية بتوفير هذه التقنية المتطورة، بعد إعلان سابق من وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، عمرو طلعت، أكد فيه أن الإطلاق سيتم خلال النصف الأول من العام الجاري بهدف تحسين جودة الاتصالات ودعم جهود التحول الرقمي في كافة القطاعات.
الجيل الخامس لا يعني فقط تحسين سرعة الإنترنت على الهواتف الذكية، بل يشكل البنية التحتية المستقبلية لتقنيات مثل الذكاء الاصطناعي، المركبات ذاتية القيادة، الجراحة عن بُعد، وإنترنت الأشياء، ما يفتح المجال أمام تطبيقات لم تكن ممكنة في السابق بسبب محدودية السرعة وزمن الاستجابة في الأجيال السابقة من الشبكات.
تجربة مستخدم غير مسبوقة
من أبرز مزايا شبكة الجيل الخامس هو تحقيق سرعات نقل بيانات تبدأ من 10 وتصل إلى 20 جيجابيت في الثانية الواحدة، وهي سرعات تعادل أضعاف ما توفره شبكات الجيل الرابع الحالية. هذا التحسين ينعكس مباشرة على تجربة المستخدم، حيث يمكن تحميل ومشاركة ملفات ضخمة في ثوانٍ معدودة، بالإضافة إلى تقديم أداء فائق عند تشغيل تطبيقات البث المباشر، الألعاب السحابية، والفيديو عالي الدقة.
الميزة الأخرى اللافتة في 5G هي تقليص زمن الاستجابة إلى نحو 1 مللي ثانية فقط، وهو ما يتيح إمكانية تشغيل التطبيقات الفورية، مثل الواقع المعزز والافتراضي، وكذلك التحكم في المعدات والأجهزة الطبية عن بعد في الوقت الحقيقي، وهذا التطور يجعل الاتصالات الرقمية أكثر تفاعلية ويعزز الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل أوسع.
استيعاب كثيف ودعم للأجهزة الذكية
ما يميز 5G أيضاً هو قدرته على استيعاب أعداد هائلة من الأجهزة المتصلة في نفس الوقت دون التأثير على جودة الخدمة، وتُقدّر قدرة الشبكة على دعم ما يصل إلى مليون جهاز في كل كيلومتر مربع، وهو ما يمثل قفزة هائلة مقارنة بشبكات الجيل الرابع.
تعد هذه النقطة محورية في دعم تطور إنترنت الأشياء (IoT)، حيث ستكون البنية التحتية لشبكات الجيل الخامس قادرة على ربط الأجهزة المنزلية الذكية، الأدوات القابلة للارتداء مثل الساعات والنظارات، وحتى الأجهزة الطبية والرعاية الصحية عن بُعد، بشبكة واحدة بسرعة وسلاسة فائقتين.
وقد أعلن الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات في مصر أن خدمات الجيل الخامس ستكون متاحة مجاناً للمستخدمين فور إطلاقها، عبر الأجهزة التي تدعم هذه التقنية، مما يسهم في تسريع تبنيها على نطاق واسع.
مع انطلاق 5G، تضع مصر نفسها في مصاف الدول الساعية لتأسيس اقتصاد رقمي متكامل، يواكب التطورات التكنولوجية العالمية، ويمهد الطريق لبنية تحتية رقمية متطورة تُلبّي تطلعات المواطنين والشركات على حد سواء.
