كشف الأميرال فاسيليوس جريباريس، قائد العملية البحرية الأوروبية “أسبيدس”، أن حركة السفن في البحر الأحمر بدأت تشهد تعافيًا ملحوظًا، حيث ارتفعت بنسبة 60% لتصل إلى نحو 36–37 سفينة يوميًا منذ أغسطس 2024، رغم أن هذا الرقم لا يزال دون المستوى المعتاد قبل تصاعد التهديدات في المنطقة.
وأوضح جريباريس، خلال حوار أجري معه في العاصمة الإسبانية مدريد، أن الممرات البحرية، وبخاصة مضيق باب المندب، بدأت تستعيد جزءًا من نشاطها، مستفيدة من تراجع وتيرة الهجمات الحوثية بالطائرات المسيّرة والصواريخ، وذلك عقب توقيع اتفاق تهدئة مع الولايات المتحدة.
هجمات الحوثيين في البحر الأحمر
وأشار أشار القائد الأوروبي إلى أن الأرقام الحالية لا تقترب من المعدلات السابقة لهجمات الحوثيين، والتي كانت تتراوح بين 72 و75 سفينة تمر يوميًا عبر البحر الأحمر حتى نوفمبر 2023، تاريخ بداية التصعيد الحوثي دعمًا لغزة في الحرب ضد دولة الإحتلال الإسرائيلي.
وكانت الحركة البحرية قد وصلت في أغسطس من العام الماضي إلى أدنى مستوياتها، بتسجيلها ما بين 20 و23 سفينة فقط في اليوم.
يُذكر أن عملية “أسبيدس” انطلقت بهدف تأمين الممرات التجارية الحيوية التي تربط البحر المتوسط بالخليج وآسيا عبر قناة السويس.
وقد تم تمديد تفويض المهمة في فبراير الماضي ليشمل مراقبة حركة الأسلحة المحظورة والسفن التي تنقل النفط الروسي الخاضع للعقوبات الغربية.
تعافي قناة السويس
ويمثل تعافي الملاحة في البحر الأحمر فرصة كبيرة لاقتصادات المنطقة، وعلى رأسها قناة السويس، التي تمر من خلالها ما بين 13 إلى 15% من إجمالي التجارة العالمية، ما يجعل أي تحسن في الاستقرار الملاحي مكسبًا استراتيجيًا لمصر والاقتصاد العالمي على حد سواء.
7 مليارات دولار إيرادات قناة السويس
في أبريل الماضي، أعرب الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، عن تطلعات الهيئة لتحقيق إيرادات تبلغ 7 مليارات دولار بنهاية عام 2025، في محاولة لتعويض الخسائر الكبيرة التي تكبّدها الممر الملاحي خلال الفترة الماضية نتيجة التوترات الإقليمية.
وقال ربيع، في مقابلة مع “الشرق”، إن القناة تسعى لاستعادة جزء من عافيتها المالية بعد عام صعب شهد انخفاضًا حادًا في الإيرادات بنسبة 61% خلال 2024، حيث سجلت نحو 3.9 مليار دولار فقط، مقارنة بـ10.2 مليار دولار في عام 2023.
وجاء هذا التراجع نتيجة تغيير مسار عدد كبير من السفن إلى طريق رأس الرجاء الصالح، تفاديًا لهجمات الحوثيين على السفن العابرة للبحر الأحمر.
خسائر ضربت إيرادات قناة السويس
كشف الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، أن القناة تكبدت خسائر جسيمة في عام 2024 بلغت نحو 10.5 مليار دولار خلال عام ونصف فقط، مشيرًا إلى أن الأزمة الأمنية كانت أشد من تداعيات جائحة كورونا.
وقد تراجعت إيرادات القناة من 10.2 مليار دولار في 2023 إلى 3.9 مليار دولار فقط في 2024، بانخفاض يقدر بنسبة 61%، نتيجة إحجام شركات الملاحة عن استخدام الممر البحري خوفًا من المخاطر الأمنية في البحر الأحمر.
الهجمات الحوثية وتأثيرها على الملاحة
لعبت الهجمات المتكررة من قبل الحوثيين على السفن في البحر الأحمر دورًا مباشرًا في تلك الخسائر، حيث تسببت في انخفاض عدد السفن العابرة بنسبة 50%، وتراجع الحمولات بنسبة 66% خلال عام 2024.
وقد أجبرت هذه الأوضاع شركات كبرى مثل “ميرسك” و”إيفرجرين” على تغيير مساراتها، مفضلة الطرق البديلة رغم تكلفتها المرتفعة.
محاولات لإنعاش القناة
في محاولة لإعادة جذب حركة الملاحة، أعلن الفريق أسامة ربيع عن تخفيض رسوم عبور السفن بنسبة 15% للسفن ذات الحمولة الصافية التي تتجاوز 130 ألف طن، وذلك لمدة 90 يومًا بدءًا من منتصف مايو 2025.
وأكد أن هذا القرار جاء بعد دراسة دقيقة، وبتوقيت محسوب، بهدف إعادة الثقة لدى الخطوط الملاحية العالمية واستغلال الاستقرار النسبي الذي يشهده البحر الأحمر منذ توقف الهجمات الحوثية في ديسمبر 2024.