قفزت أسعار النفط بعد التوترات الدراماتيكية بين إيران وأمريكا بسبب تخصيب اليورانيوم، بينما أفاد تقرير لوكالة “رويترز” بأن السفارة الأمريكية في العراق تستعد للإخلاء بسبب تصاعد المخاطر الأمنية.
سعر خام برنت
ارتفع سعر خام “برنت” تسليم أغسطس بنسبة 4.3% ليستقر عند 69.77 دولار للبرميل، كما صعدت عقود خام “غرب تكساس” الوسيط بنسبة 4.9% لتُغلق فوق 68 دولاراً للبرميل، مسجلة أكبر مكاسب يومية منذ أكتوبر.
يأتي الارتفاع تزامناً مع خفض إدارة دونالد ترمب عدد موظفي سفارتها في العراق، وسماحها لعائلات العسكريين بمغادرة المنطقة استجابةً للمخاوف الأمنية المستمرة. كما أصدرت البحرية البريطانية تحذيراً نادراً للبحارة، من أن تصاعد التوترات في الشرق الأوسط قد يؤثر على حركة الشحن.
فاقمت هذه التطورات التكهنات بشأن احتمال حدوث تعطيلات في الإمدادات في المنطقة، بعدما أفادت “وكالة الصحافة الفرنسية” بأن إيران هددت باستهداف قواعد عسكرية أميركية في حال اندلاع صراع.
قالت ريبيكا بابين، كبيرة المتداولين في الطاقة لدى مجموعة “سي آي بي سي برايفت ويلث”، إن “الخطاب الإيراني بات أكثر عدائية بشكل ملحوظ، وهذه التهديدات تدعمها تطورات ملموسة على أرض الواقع”.
وأضافت: “مع أن موجات الصعود الجيوسياسية عادة ما تُعتبر فرصة للبيع، فإن هذا الوضع معقد بفعل احتمال حدوث تحرك عسكري إسرائيلي إذا انهارت المفاوضات، وهو ما يجعل المتداولين أكثر حذراً تجاه البيع خلال موجة الصعود الحالية”.
التوترات مع إيران تعزز مكاسب النفط
في سياق متصل، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب لصحيفة “نيويورك بوست” إنه “أقل ثقة” في إمكانية إقناع طهران بالموافقة على إغلاق برنامجها النووي.
كما نشر على وسائل التواصل الاجتماعي أن اتفاقاً تجارياً مع الصين بات “مُنجزاً”، لكنه ما زال مرهوناً بموافقة الرئيس الصيني شي جين بينغ.
كانت أسعار النفط قد تعرضت لضغوط في وقت سابق جراء التوقعات بأن الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم قد تضر بالطلب، فضلاً عن أن أي اتفاق مع إيران قد يعيد البراميل الخاضعة للعقوبات إلى السوق، مما يفاقم زيادة الإمدادات من تحالف “أوبك+”.
غير أن الأسعار شهدت تعافياً في الجلسات الأخيرة، مدعومة بتراجع التوترات التجارية، وتوقعات بتحسن الطلب خلال فصل الصيف.
عدم اليقين يخيم على السوق
سلط تقرير شهري صادر عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية الضوء على حالة عدم اليقين السائدة في سوق النفط.
ففي حين تتوقع الوكالة أن يفوق المعروض الطلب هذا العام بفارق 800 ألف برميل يومياً، وهو أعلى مستوى منذ أن بدأت الوكالة نشر توقعات لعام 2025، إلا أنها لا تتوقع أن يتجاوز إنتاج الخام الأميركي مستويات الشهر الماضي قبل نهاية العام المقبل، في إشارة إلى أن الأسعار المنخفضة تكبح بعض الإمدادات.
ظهرت أيضاً مؤشرات على تشديد السوق على طول منحنى العقود الآجلة. ففي وقت سابق من هذا الأسبوع، انتقلت الفجوة السعرية بين عقود فبراير ومارس لخام “غرب تكساس” الوسيط إلى حالة
للمرة الأولى منذ أبريل. كما ارتفعت الفجوة لعقود عدة أشهر لاحقاً خلال اليوم، ما يشير إلى أن المخاوف من تخمة المعروض بدأت تتراجع.
توقعات أسعار النفط
قال الخبير الاقتصادي أحمد معطي إن أسعار النفط ارتفعت بنسبة 1%، مدعومة بتوترات جيوسياسية في الشرق الأوسط والقيود على الإمدادات من روسيا وإيران.
وتابع “معطي” خلال تصريحات تلفزيونية، أن الأسعار قد تتراوح بين 60 إلى 70 دولارًا للبرميل خلال الفترة المقبلة، مع استمرار الحذر في الأسواق، وتراجع الإنتاج في كندا بسبب حرائق الغابات.
وأضاف أن الاقتصاد العالمي بات على مشارف مرحلة تباطؤ واضحة، وسط تقلبات حادة في السياسة النقدية والضغوط الجيوسياسية، مشيرًا إلى أن منظمة التعاون الاقتصادي خفّضت توقعاتها للنمو العالمي إلى 2.9% خلال عام 2025، مقارنة بتقديرات سابقة أكثر تفاؤلًا.
وأوضح أن التراجع الأكبر في النمو من المتوقع أن تشهده الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، نتيجة سياسات اقتصادية جديدة، من بينها عودة الرسوم الجمركية، ما أعاد التوتر التجاري إلى الواجهة، خصوصًا في ظل خطاب ترامب المتشدد.
وأشار إلى أن المنظمة لم تذهب إلى حد التحذير من “ركود شامل”، وهو ما يعكس بعض التفاؤل بإمكانية التوازن خلال النصف الثاني من العام.