تعهدت إيران بالرد على أمريكا، وواصلت الهجمات على إسرائيل، وذلك بعد الضربات التي شنتها الولايات المتحدة على المنشآت النووية خلال نهاية الأسبوع، ما أثار مخاوف من اتساع رقعة الحرب في الشرق الأوسط، وأحدث اضطراباً في الأسواق العالمية.
الهدنة بين إيران وإسرائيل
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن الليلة الماضية، عن التوصل لهدنة بين إيران وإسرائيل دخلت حيز التنفيذ اليوم الثلاثاء، لتنهي الحرب التي بدأت في 13 يونيو/حزيران الجاري.
ففي المملكة العربية السعودية رحبت وزارة الخارجية بإعلان الرئيس ترامب التوصل لصيغة اتفاق لوقف إطلاق النار بين طرفي التصعيد في المنطقة، وثمنت الجهود المبذولة لخفض التصعيد.
وقالت وزارة الخارجية السعودية في بيان لها اليوم: “تتطلع المملكة أن تشهد الفترة المقبلة التزامًا من جميع الأطراف بالتهدئة والامتناع عن استخدام القوة أو التلويح بها، وأن يسهم هذا الاتفاق في إعادة الأمن والاستقرار إلى المنطقة وتجنيبها مخاطر استمرار التصعيد، وتجدد المملكة موقفها الثابت في دعم انتهاج الحوار والوسائل الدبلوماسية سبيلًا لتسوية الخلافات والنزاعات الإقليمية انطلاقًا من مبدأ احترام سيادة الدول وترسيخ الأمن والاستقرار والرخاء والازدهار في المنطقة والعالم”.
من جانبها، رحبت مصر بإعلان الرئيس ترامب عن التوصل لوقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل وشددت على كونه تطورًا جوهريا نحو احتواء التصعيد الخطير الذي شهدته المنطقة خلال الأيام الأخيرة، ومن شأنه أن يشكل نقطة تحول هامة نحو إنهاء المواجهة العسكرية بين البلدين واستعادة الهدوء بالمنطقة.
وأكدت مصر أن هذه الخطوة تمثل فرصة حقيقية لوقف دائرة التصعيد والهجمات المتبادلة، وتهيئة البيئة المواتية لاستئناف الجهود السياسية والدبلوماسية، وتدعو مصر الطرفين الإسرائيلي والإيراني بالالتزام الكامل بوقف إطلاق النار، وممارسة أقصى درجات ضبط النفس خلال هذه المرحلة الدقيقة، واتخاذ الإجراءات التي تسهم في تحقيق التهدئة وخفض التصعيد، بما يحافظ على أمن واستقرار المنطقة وسلامة شعوبها.
وقال البيان المصري إنه “اذ تثمن مصر هذه الخطوة الهامة نحو التهدئة، فإنها لطالما دعت الى وقف اطلاق النار وخفض التصعيد خلال اتصالاتها المباشرة المكثفة مع جميع الأطراف المعنية الإقليمية والدولية بما في ذلك أطراف الصراع على مدار الأسابيع الماضية، وتؤكد على استمرارها في بذل جهودها الدبلوماسية، بالتنسيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لتثبيت وقف إطلاق النار ودعم مسار التهدئة، وصولًا إلى تسوية شاملة ومستدامة للأزمات التي تهدد استقرار المنطقة”.
لم تعلن طهران بعد عن إمكانية أو طريقة مهاجمة الأهداف الأمريكية في الشرق الأوسط. أما قرار الرئيس دونالد ترمب باستخدام القنابل الخارقة للتحصينات وصواريخ كروز في قصف المواقع النووية الرئيسية الثلاثة في البلاد يوم الأحد، فقد دفع الشرق الأوسط إلى موقف مجهول العواقب، وفاقم المخاوف في الاقتصاد العالمي الذي يعاني أصلاً من حالة ضبابية شديدة بسبب الحروب التجارية التي يشنها ترمب.
الصراع يهدد بارتفاع النفط والتضخم
ارتفع سعر النفط نحو 6% عند افتتاح الأسواق في آسيا، قبل أن يتخلى عن معظم هذه المكاسب، إذ بلغ سعر برنت 77.65 دولار للبرميل في الساعة 8:37 صباحاً في لندن. في المقابل، تراجعت عقود الأسهم المستقبلية في الولايات المتحدة في البداية، في ظل تقييم المستثمرين سيناريوهات الرد والمخاطر على إمدادات الطاقة العالمية.
وقال محللو “بلومبرغ إيكونوميكس”، ومن بينهم زياد داود، إن “اتساع رقعة الصراع يزيد خطر ارتفاع أسعار النفط، ويدفع اتجاه التضخم نحو الارتفاع”.
قفزت أسواق الأسهم في الشرق الأوسط اليوم الثلاثاء، بدعم من تهدئة التوترات الجيوسياسية عقب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار “كامل وشامل” بين إسرائيل وإيران، ما عزز شهية المستثمرين ودفع المؤشرات الإقليمية للصعود.
صعود جماعي في بورصات المنطقة
أنهى مؤشر سوق الأسهم السعودية “تاسي” التعاملات مرتفعاً 2.4% ليسجل 10964 نقطة، محققاً بذلك أكبر مكاسب يومية منذ 10 أبريل بفضل صعود سهم “مصرف الراجحي” بنسبة 2.8% و”أكوا باور” بنسبة 3.5%. في حين تراجع سهم “أرامكو”، الأكبر وزناً في المؤشر، بنسبة 1.6%، في انعكاسٍ لتراجع أسعار النفط.
وقفز المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية بنسبة 3.8%، كما ارتفع سعر صرف الجنيه 1%، وذلك بعدما تراجع على نحو متواصل منذ بدء الحرب، وكانت الأسهم المصرية من بين الأكثر تأثراً بالصراع مقارنةً بأسواق المنطقة الأخرى.
في الإمارات، أغلق مؤشر سوق دبي المالي مرتفعاً 3.4%، في أقوى مكاسب يومية له منذ 16 ديسمبر 2024، مع صعود سهم “إعمار العقارية” بنسبة 5%. كما صعد مؤشر “فوتسي أبوظبي العام” بنسبة 2.5% مسجلاً أكبر مكاسبه اليومية منذ أكتوبر 2022، مع قفزة بنسبة 7% لسهم “بنك أبوظبي الأول”.
وارتفع مؤشر بورصة قطر بنسبة 1.9% بنهاية التعاملات. في حين أنهى مؤشر السوق الأول بالكويت التعاملات بمكاسب 2.4%.
عودة الزخم إلى الأسواق
ماري سالم، المحللة المالية في “الشرق”، توقعت أن يعيد إعلان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران الزخم إلى الأسواق، مرجّحة عودة النشاط إلى المستويات التي كانت سائدة قبل اندلاع الحرب.
وفي إسرائيل، سجّلت الأسهم والعملة والسندات الإسرائيلية بعضاً من أكبر المكاسب في أسواق الدول الناشئة، بعد أن أكدت تل أبيب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع إيران، حسب “بلومبرغ”. وارتفع مؤشر “تي إيه-35” القياسي للأسهم بنسبة 1.7%، ويتجه لتسجيل مكاسب للشهر الثالث على التوالي. كما صعد الشيكل بنسبة 1.8% أمام الدولار، مسجّلاً أقوى مستوى له منذ يناير 2023 قبل أن يقلص مكاسبه.
كما أن السندات الإسرائيلية المقوّمة بالدولار كانت من بين الأعلى أداءً على مؤشر بلومبرغ للعائد الإجمالي لسندات الأسواق الناشئة السيادية. وارتفع سعر السند المستحق السداد في مارس 2054 بمقدار سنت واحد لكل دولار من قيمته الاسمية، ليسجل أعلى مستوى له منذ أوائل أبريل.