قال الكاتب الصحفي والمستشار الإعلامي محمود العربي، رئيس تحرير بوابة الاقتصاد، خلال مداخلة هاتفية مع التلفزيون المصري، إن الدولة المصرية نجحت خلال الشهور الماضية في تقديم نموذج استثنائي في إدارة الأزمات، لاسيما في ظل التطورات الإقليمية الأخيرة، ومنها الهجمات الإيرانية الإسرائيلية المتبادلة، وما خلفته من اضطراب في سلاسل الإمداد العالمية وارتفاع أسعار الشحن والطاقة.
وأوضح العربي أن الدولة استعدت جيدًا لهذه المستجدات، من خلال تكوين أرصدة استراتيجية كافية من السلع الغذائية والأساسية، حيث تكفي بعضها لأكثر من 6 أشهر، وتصل في بعض الأصناف إلى عام كامل، وهو ما يعكس التحرك المبكر والاستراتيجي من جانب الحكومة لتأمين احتياجات السوق المحلية.
وأشار إلى أن لجنة إدارة الأزمات التي تم تشكيلها برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية ممثلين عن الوزارات السيادية والقطاع الخاص، لعبت دورًا محوريًا في إدارة الموقف، حيث تم التنسيق السريع بين مختلف الجهات لمتابعة حركة الأسواق وتوفير الاعتمادات الدولارية اللازمة للإفراج عن البضائع من الموانئ، خاصة السلع ذات الأولوية مثل الزيوت والحبوب والأدوية ومستلزمات الإنتاج.
وأكد أن التحركات المصرية في هذا الملف لم تكن رد فعل، بل كانت تحركات استباقية تُدار بعقل الدولة وليس بعقل الأزمة، وهو ما مكّنها من تجنيب المواطن المصري الكثير من تداعيات الأزمات العالمية، مقارنة بدول أخرى في الإقليم تعاني من نقص حاد في المواد الأساسية وارتفاعات جنونية في الأسعار.
كما نوّه العربي إلى أن الحكومة لم تكتفِ فقط بتأمين الأسواق، بل أطلقت عددًا من المبادرات المجتمعية الموجهة مباشرة للمواطنين، ومنها مبادرة “كلنا واحد” التي تُنظمها وزارة الداخلية، وتوفر سلعًا بأسعار تقل عن مثيلاتها في السوق بنسبة تصل إلى 30%، بالتعاون مع أكبر السلاسل التجارية، بالإضافة إلى مبادرة “سوق اليوم الواحد” التي تُقام أسبوعيًا في مناطق مختلفة لتقديم السلع بأسعار رمزية، ما ساهم في تقليل الضغط على الأسر محدودة ومتوسطة الدخل.
وأشاد العربي بالدور الذي لعبته مؤسسات الدولة الرقابية في متابعة حركة الأسواق وضبط الأسعار، مؤكدًا أن هناك منظومة رقابة ميدانية نشطة تعمل بالتنسيق مع الجهات التنفيذية، لرصد التجاوزات ومنع الاحتكار وضبط المخالفات، وهو ما عزز حالة الانضباط نسبيًا في الأسواق خلال الأوقات العصيبة.
وفي سياق متصل، شدّد الكاتب الصحفي محمود العربي على أن المواطن المصري له دور لا يقل أهمية عن دور الحكومة، فالمعركة الاقتصادية تتطلب وعيًا جماعيًا وسلوكًا رشيدًا، داعيًا المواطنين إلى عدم الانسياق وراء الشائعات، ودعم المنتج المحلي، وترشيد الاستهلاك، معتبرًا أن وعي المواطن هو “خط الدفاع الأول” في مواجهة الحرب الاقتصادية التي تخوضها الدولة.
وأوضح أن دعم الإنتاج المحلي وتفضيل الصناعة الوطنية يخفف الضغط على العملة الصعبة، ويوفر فرص عمل للشباب، كما يُسهم في تقوية الاقتصاد القومي، داعيًا كافة المواطنين والمؤسسات إلى تبني هذا النهج كجزء من المسؤولية الوطنية في هذه المرحلة الدقيقة.
وأكد العربي، أن مصر قادرة على عبور التحديات الحالية كما عبرت من قبل أزمات أكثر قسوة، بفضل وعي القيادة السياسية، وقوة مؤسسات الدولة، وتكاتف المواطنين.
