شن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هجومًا حادًا على رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، بعد أن أعلن الأخير عدم وجود نية حالية لخفض أسعار الفائدة، وهو ما أثار جدلاً واسعًا في الأوساط الاقتصادية والسياسية حول مدى صلاحيات الرئيس في التأثير على قرارات الفيدرالي.
الهجوم الذي تضمن تهديدًا بعزل باول، يأتي في وقت حرج تمر به الأسواق العالمية، مع ارتفاع مستويات الدين السيادي الأمريكي وتزايد الضغوط التضخمية، ما يثير تساؤلات حول مستقبل السياسة النقدية الأمريكية ومدى استقلالية بنك الاحتياطي الفيدرالي في مواجهة الضغوط الرئاسية.
هل يستطيع ترامب عزل جيروم باول من منصبه؟
أوضح خبراء أسواق المال، أن الرئيس الأمريكي لا يمتلك الحق القانوني في عزل رئيس الفيدرالي مباشرة، إلا في حالات استثنائية مثل سوء التصرف أو الإهمال الجسيم، وفقًا لما ينص عليه القانون الأمريكي.
وأشاروا إلى أن تصريحات ترامب تعد وسيلة ضغط سياسي لا أكثر، موضحًا أن أي تدخل مباشر في عمل البنك الفيدرالي قد يثير اضطرابات في الأسواق ويؤثر سلبًا على ثقة المستثمرين العالميين.
لماذا يطالب ترامب بخفض الفائدة الآن؟
يرى ترامب أن الفيدرالي يتباطأ في مواكبة السياسات النقدية العالمية، حيث قال إن البنك المركزي الأوروبي خفّض أسعار الفائدة 10 مرات، بينما لم يقدم الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على خطوة مماثلة.
وطالب الرئيس بخفض أسعار الفائدة بمعدل يتراوح بين 2% إلى 3%، مؤكدًا أن مثل هذا القرار يمكن أن يوفر على الحكومة الأمريكية ما يصل إلى 800 مليار دولار سنويًا من مدفوعات الفوائد على الديون السيادية الأمريكية، التي تبلغ قرابة 36 تريليون دولار.
هجوم مباشر على باول
في تصعيد غير مسبوق، وصف ترامب رئيس الفيدرالي جيروم باول بأنه “شخص غبي وعنيد”، مؤكدًا أن الولايات المتحدة ستدفع ثمن سياساته الخاطئة لسنوات قادمة، كما طالب الكونغرس بالتدخل لعزل باول من منصبه.
ومن الجدير بالذكر أن ترامب كان هو من رشّح جيروم باول لرئاسة الفيدرالي لأول مرة عام 2017، قبل أن يتم تجديد ولايته لاحقًا في عهد الرئيس جو بايدن، وتنتهي ولايته الثانية في مايو 2025.
الفيدرالي يتمسك بسياسته: التضخم لا يزال عائقًا
من جانبه، أكد جيروم باول خلال شهادته أمام مجلس النواب الأمريكي أن البنك لا يزال يتوخى الحذر في قراراته، مشيرًا إلى أن الرسوم الجمركية الجديدة قد ترفع معدلات التضخم، وهو ما يدفع الفيدرالي إلى تثبيت أسعار الفائدة في الوقت الحالي.
وكان الفيدرالي الأمريكي قد قرر الأسبوع الماضي تثبيت أسعار الفائدة عند مستويات 4.25% إلى 4.50% للمرة الرابعة على التوالي، ضمن استراتيجية توازن بين دعم النمو الاقتصادي وكبح جماح التضخم.
رد فعل الأسواق
تتعامل الأسواق مع تصريحات ترامب بكثير من الحذر، خصوصًا أنه سبق وهدد بعزل باول في مناسبات سابقة دون اتخاذ أي إجراء فعلي، مما يشير إلى أن هذه التصريحات لا تزال ضمن إطار المناورة السياسية لا التنفيذ.
ويرى محللون أن استقلالية البنك الفيدرالي هي حجر الزاوية في السياسة النقدية الأمريكية، وأن أي محاولة لتقويض هذه الاستقلالية قد تؤدي إلى زعزعة ثقة المستثمرين محليًا وعالميًا.