في مشهد أشبه بأفلام هوليوود، اجتمعت الفخامة والثراء في حفل زفاف وصف بـ”الأسطوري”، أقامه الملياردير الأمريكي جيف بيزوس، مؤسس شركة أمازون ورابع أغنى رجل في العالم، على الصحفية السابقة لورين سانشيز، في جزيرة سان جورجيو التاريخية بمدينة البندقية الإيطالية. الحدث، الذي استمر لثلاثة أيام متتالية، تجاوز حدود التغطيات الفنية ليصبح مثار جدل سياسي وشعبي واسع، خاصة مع تصاعد الاحتجاجات من السكان المحليين والنشطاء البيئيين اعتراضًا على ما اعتبروه “عرضًا للبذخ” وسط معاناة اقتصادية وتدهور في الحياة اليومية للمدينة.
تقدر تكاليف الزفاف بملايين الدولارات، في وقت تم فيه الحديث عن عدم وجود توثيق رسمي للزواج داخل الأراضي الإيطالية، ما أثار تساؤلات عدة حول الهدف الحقيقي من هذا الحدث.
وبينما أكدت السلطات أن المناسبة ستعود بالنفع الاقتصادي على البندقية، اعتبر كثيرون أنها استغلال فجّ لمعالم المدينة التاريخية لصالح أثرياء العالم.
الزفاف في جزيرة تاريخية دون توثيق رسمي
أقيم الحفل في جزيرة “سان جورجيو” المقابلة لساحة سان ماركو الشهيرة، وسط أجواء احتفالية باذخة شملت كبار الشخصيات ورجال الأعمال والمشاهير من مختلف أنحاء العالم. ورغم تنظيم الحدث في إيطاليا، لم تتلق السلطات أي طلب لتوثيق رسمي للزواج، مما يرجح أن عقد القران تم مسبقًا في الولايات المتحدة الأمريكية، فيما كانت الفعاليات في إيطاليا احتفالية الطابع فقط.
تكاليف ضخمة تثير الغضب الشعبي
وفقًا لوكالة “رويترز”، بلغت تكلفة حفل الزفاف بين 46.5 إلى 55.6 مليون دولار، وهو رقم ضخم أثار حفيظة سكان البندقية الذين خرجوا في مظاهرات تحت شعار “لا مكان لبيزوس”، رافضين ما وصفوه بتحويل مدينتهم إلى مسرح للعروض الفاخرة على حساب السكان الأصليين.
وتضمنت الاحتجاجات شعارات تطالب بيزوس بدفع ضرائب أعلى، مع لافتات تسخر من التفاوت الطبقي بين ثروته الهائلة ومعاناة الناس اليومية.
احتجاجات بيئية وسياسية تواكب الزفاف
انطلقت المظاهرات قبل يوم الزفاف وامتدت حتى نهايته، بدعم من منظمات بيئية أبرزها “السلام الأخضر”، في ظل مخاوف من تأثير التوسع السياحي والنشاطات الفاخرة على بيئة المدينة الهشة.
ونتيجة للغضب الشعبي، اضطر منظمو الزفاف إلى نقل الفعاليات من قاعة “سكولا غراندي ديلا ميزيريكورديا” إلى منطقة “أرسينال البحرية” الأكثر عزلة، لتقليل فرص الاحتكاك مع المتظاهرين.
ظهور بارز للمشاهير ومواكبة إعلامية مكثفة
شهد الزفاف حضور أسماء لامعة في عالم الفن والسياسة، من بينهم الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، إضافة إلى نجوم مثل أورلاندو بلوم وتوم برادي، والمغني آشر الذي أحيا إحدى ليالي الحفل.
وكلفت شركة “لانزا آند باوسينا” البريطانية بتنظيم المناسبة، وهي الشركة نفسها التي نظمت حفل زفاف جورج وأمل كلوني عام 2014 في البندقية.
التنظيم تحت شعار “احترام السكان” لكن الغضب مستمر
حاول منظمو الزفاف امتصاص الغضب المحلي بتصريحات رسمية أكدت الاعتماد على عمالة محلية وتقليل الإزعاج، إلا أن هذه المحاولات لم تفلح في تهدئة الانتقادات، خاصة وسط استمرار أزمة الإسكان وازدحام المدينة بالسياح الذين يغيرون نمط الحياة اليومية لسكانها.
ثروة بيزوس والفجوة الاجتماعية تحت المجهر
بلغت ثروة جيف بيزوس نحو 237 مليار دولار حتى نهاية يونيو 2025، ما يضعه في المرتبة الرابعة بين أغنى أثرياء العالم، وهو ما فاقم الجدل حول حفله المترف في مدينة تعاني من مشكلات اقتصادية واجتماعية كبيرة. فبينما استأجر بيزوس خمسة من أفخم فنادق البندقية لضيوفه، وجد السكان المحليون صعوبة في التنقل وممارسة حياتهم اليومية.