في خطوة مفاجئة للأسواق العالمية، أعلن تحالف “أوبك+” عن قراره برفع إنتاجه النفطي بمقدار 548 ألف برميل يوميًا خلال شهر أغسطس 2025، لتكون هذه الزيادة هي الأكبر منذ عدة أشهر، متجاوزة التوقعات التي رجّحت زيادات تدريجية أقل حدة.
وتاتي هذه التحركات في ظل تصاعد الضغوط الجيوسياسية، وتغير في استراتيجية التحالف من دعم الأسعار إلى استعادة الحصة السوقية، في وقت تشهد فيه الأسواق تقلبات متسارعة وتوقعات بانخفاض أسعار النفط عالميًا خلال الربع الأخير من العام.

زيادة غير مسبوقة ضمن خطة تفكيك الخفض
بحسب مصادر مطلعة نقلت عنها شبكة “CNN”، فإن القرار جاء بعد أول اجتماع للتحالف منذ موجة التوترات الجيوسياسية الأخيرة، ويهدف إلى استعادة الحصص السوقية التي فقدتها دول أوبك لصالح منتجين مستقلين، خصوصًا بعد تجاوز دول مثل العراق وكازاخستان لحصصها المقررة.
ويأتي هذا الرفع في إطار خطة تدريجية لإنهاء خفض سابق بلغ 2.2 مليون برميل يوميًا بدأ تطبيقه في أبريل 2025. وشملت الزيادة الأخيرة ثماني دول رئيسية في التحالف، منها السعودية وروسيا والإمارات والعراق والكويت وعمان والجزائر وكازاخستان. كما مُنحت الإمارات حصة إضافية تبلغ 300 ألف برميل يوميًا.
تحذيرات من ضغوط سعرية قد تهوي بخام برنت
يرى جورج ليون، النائب الأول لرئيس أسواق النفط في شركة “ريستاد إنرجي”، أن هذه الخطوة كانت مفاجئة للأسواق، وتشير إلى تحول في الاستراتيجية نحو تعزيز الحصة السوقية على حساب دعم الأسعار.
وحذر من أن زيادة المعروض بهذا الشكل، دون نمو موازٍ في الطلب، قد تؤدي إلى تخمة في الأسواق العالمية، خصوصًا في الربع الأخير من 2025، وقد يتسبب ذلك في هبوط خام برنت دون مستوى 60 دولارًا للبرميل قبل نهاية العام.
ارتفاع موسمي في الطلب المحلي لا يخفف المخاوف
على الرغم من تسجيل الطلب المحلي على النفط في كل من السعودية والعراق زيادات ملحوظة، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة واستهلاك الكهرباء لتشغيل أجهزة التكييف، إلا أن المحللين يرون أن هذا الطلب الموسمي لن يكون كافيًا لامتصاص فائض المعروض العالمي.
ووفقًا لتوقعات “رويترز”، فإن الاستهلاك المحلي السعودي قد يتجاوز 600 ألف برميل يوميًا خلال شهري يوليو وأغسطس، بينما أكد ديفيد جوربناز، خبير الأسواق النفطية في ICIS، أن هناك إشارات لتباطؤ في الطلب في بعض الأسواق الناشئة، مما يزيد من احتمالية تراجع الأسعار عالميًا.
هل يتغير موازين سوق النفط العالمي؟
تكشف الخطوة التي اتخذها تحالف أوبك+ عن نقلة نوعية في استراتيجيته، خاصةً بعد سنوات من التركيز على دعم الأسعار عقب جائحة كورونا. لكنها أيضًا تعكس قلقًا متزايدًا من تآكل النفوذ السوقي أمام منتجين آخرين، مثل الولايات المتحدة والبرازيل وكندا.
ومع توجه التحالف نحو تعزيز الإنتاج، دون دلائل واضحة على تسارع الطلب، تبقى مخاطر هبوط الأسعار قائمة، في ظل ضعف استيعاب الأسواق العالمية للمعروض الجديد، وتباطؤ النمو في الأسواق الناشئة.