تشهد أسواق النفط العالمية حالة من التذبذب الحاد خلال الفترة الأخيرة، في ظل تداخل العوامل الجيوسياسية والاقتصادية التي تفرض نفسها بقوة على اتجاهات الأسعار.
فمع تصاعد احتمالات فرض رسوم أمريكية إضافية على الهند بسبب تعاملاتها النفطية مع روسيا، واستمرار المفاوضات المرتقبة لإيجاد حل سياسي بين موسكو وكييف، يجد المستثمرون أنفسهم أمام مشهد معقد يجعل من الصعب توقع مسار الأسعار على المدى القريب.
ورغم الضغوط الناتجة عن العقوبات الغربية والتقلبات في المخزونات الأمريكية، إلا أن الطلب على بعض المشتقات مثل وقود الطائرات لا يزال مرتفعاً، وهو ما يوازن إلى حد ما بين الضغوط العرضية والطلب العالمي.

ارتفاع أسعار النفط وسط تهديدات الرسوم الأمريكية
سجلت أسعار الخام ارتفاعاً ملحوظاً خلال جلسة تداول متقلبة، حيث تجاوز خام غرب تكساس الوسيط تسليم أكتوبر نسبة 1% ليغلق فوق مستوى 63 دولاراً للبرميل. كما صعد خام برنت مقترباً من حاجز 68 دولاراً للبرميل.
ويأتي هذا الصعود عقب تصريحات المستشار التجاري في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بيتر نافارو، الذي أشار إلى احتمال مضاعفة الرسوم الجمركية على الهند في 27 أغسطس الجاري كإجراء عقابي بسبب مشترياتها من النفط الروسي. هذه التصريحات أضافت حالة من الترقب وعدم اليقين إلى الأسواق، التي تتحرك أسعار عقودها الآجلة في نطاق ضيق بين 62 و65 دولاراً للبرميل.
ترقب محادثات السلام بين موسكو وكييف
يراقب المستثمرون باهتمام التطورات المتعلقة بجهود التوصل إلى اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا، حيث تسعى واشنطن إلى عقد لقاء يجمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بوساطة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
غير أن الكرملين لم يبدِ التزاماً رسمياً حتى الآن، وهو ما يضيف المزيد من الغموض حول فرص نجاح هذه الجهود. وفي حال التوصل إلى اتفاق، قد يؤدي ذلك إلى تخفيف بعض القيود المفروضة على صادرات النفط الروسي، رغم أن موسكو ما زالت قادرة على تصدير معظم إنتاجها رغم العقوبات المفروضة.
تقلبات في المخزونات الأمريكية
أظهرت بيانات المخزونات الأمريكية تقلبات لافتة، حيث سجلت أكبر انخفاض إجمالي منذ منتصف يونيو، في حين استمرت الزيادة في مراكز التخزين بكوشينج وأوكلاهوما، وهي النقاط الرئيسية لتسليم عقود خام غرب تكساس الوسيط، نتيجة تدفق الإمدادات القادمة من حوض برميان.
وفي الوقت ذاته، تراجعت مخزونات البنزين للأسبوع الخامس على التوالي، وهو أمر غير معتاد في السوق العالمية، في حين ظل الطلب على وقود الطائرات قوياً بما يساهم في موازنة الضغوط العرضية.
توقعات متشائمة بزيادة الفائض في المعروض
رغم هذا الارتفاع المؤقت، فقد سجلت أسعار النفط تراجعاً بأكثر من 10% منذ بداية العام الجاري. ويعود ذلك إلى المخاوف من تأثير الرسوم الجمركية الأمريكية على النمو الاقتصادي العالمي، بالتزامن مع استئناف دول تحالف “أوبك+” ضخ المزيد من الإمدادات.
وتشير هذه المعطيات إلى احتمالية حدوث فائض في المعروض بمجرد انتهاء موسم الذروة الصيفي، مما قد يضغط على الأسعار مجدداً في الفترة المقبلة.