في إطار توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي الرامية إلى تطوير الموانئ المصرية وتحويلها إلى مراكز محورية للنقل واللوجستيات وتجارة الترانزيت، يقترب مشروع استكمال وتطوير ميناء السخنة من مراحله النهائية، حيث بلغت نسبة الإنجاز الكلية نحو 96%.
وبانتهاء العمل، سيصبح الميناء أكبر وأحدث ميناء على البحر الأحمر، وركيزة أساسية في الممر اللوجستي المتكامل “السخنة – الإسكندرية” الذي يربط بين البحرين الأحمر والمتوسط.
ويعد هذا المشروع من أضخم المشروعات القومية التي تعزز مكانة مصر على خريطة التجارة العالمية وتفتح آفاقًا جديدة للاستثمار والتنمية.
خطة أعمال التطوير
بدأت أعمال التطوير في عام 2021 لتشمل خطة شاملة تواكب أحدث المعايير الدولية في مجال الموانئ البحرية. وقد تضمنت الخطة إنشاء خمسة أحواض جديدة بعمق ثمانية عشر مترًا لاستيعاب السفن العملاقة، بالإضافة إلى تنفيذ أرصفة بحرية تمتد لمسافة ثمانية عشر كيلومترًا بطاقة استيعابية ضخمة.
كما جرى تجهيز الميناء بساحات تداول للحاويات على مساحة تصل إلى تسعة ملايين ومئتي ألف متر مربع، فضلًا عن مناطق لوجستية تبلغ مساحتها أكثر من خمسة كيلومترات مربعة، وشبكة طرق داخلية بطول سبعة عشر كيلومترًا تتكون من ستة حارات مزدوجة.
كذلك تم تنفيذ خط سكك حديدية داخلي بطول ثلاثين كيلومترًا لربط الميناء بالقطار الكهربائي السريع، وإنشاء حواجز أمواج بطول 3270 مترًا لحماية الأرصفة. وقد اكتسب الميناء أربعة ملايين متر مربع إضافية من أعمال التكريك ليصل إجمالي مساحته إلى نحو تسعة وعشرين كيلومترًا مربعًا.
وقد وصلت نسب التنفيذ في معظم مكونات المشروع إلى مراحل متقدمة للغاية؛ حيث اكتملت الأرصفة وحواجز الأمواج بنسبة 100%، بينما بلغت نسبة أعمال التكريك 95%. أما شبكة الطرق الداخلية فاقتربت من الانتهاء بنسبة 85%، في حين بلغ معدل تنفيذ السكك الحديدية والمرافق والإنشاءات المختلفة 70% وتعكس هذه النسب قرب اكتمال المشروع وبدء تشغيله الكامل وفق الخطة الموضوعة.
وفي إطار تجهيز الميناء بأحدث المعدات، استقبل رصيف محطة “هاتشيسون” رقم (1) السفينة الصينية “ZHEN HUA 23” محملة بثلاثة أوناش رصيف عملاقة من طراز STS وستة أوناش ساحة أوتوماتيكية RTG، ليكتمل بذلك توريد جميع المعدات الخاصة بالمحطة.
وبهذا يصبح إجمالي المعدات المتاحة بالميناء ستة أوناش رصيف عملاقة قادرة على التعامل مع أكبر السفن في العالم، إلى جانب ثمانية عشر ونش ساحة أوتوماتيكي يعمل بأنظمة ذكية لتحديد مواقع الحاويات ومتابعة حركتها بكفاءة عالية.
وتُعد محطة “هاتشيسون” الذكية إحدى أبرز مكونات المشروع، حيث جُهزت بأنظمة حديثة تشمل نظام TOS لإدارة العمليات ومراقبة حركة الحاويات لحظيًا، بالإضافة إلى غرف تحكم مركزية لمتابعة الأوناش والساحات بشكل مباشر. كما تم إدخال أنظمة تتبع متطورة تعتمد على تقنيات GPS وRFID، مع الاعتماد على حلول صديقة للبيئة تهدف إلى تقليل الانبعاثات وتعظيم كفاءة استخدام الطاقة.
ويتمتع الميناء بموقع استراتيجي فريد على المدخل الجنوبي لقناة السويس، ما يمنحه أهمية استثنائية في خدمة حركة التجارة العالمية العابرة للقناة. فهو يسهم في دعم تجارة الترانزيت والخدمات اللوجستية ويعزز تنافسية مصر كمركز عالمي لسلاسل الإمداد، إضافة إلى دوره في جذب استثمارات جديدة في مجالات النقل البحري والصناعة والتخزين.
ويرتكز نجاح المشروع أيضًا على الشراكات العالمية، حيث جاء التعاون مع تحالف “هاتشيسون”، أحد أكبر مشغلي محطات الحاويات في العالم، ليضمن زيادة تردد السفن العملاقة على الموانئ المصرية ومضاعفة الطاقة الاستيعابية لمحطات الحاويات. هذا التعاون يعزز كذلك فرص مصر في المنافسة القوية داخل سوق تجارة الترانزيت العالمية.
ويتكامل ميناء السخنة مع مجموعة من المشروعات القومية الكبرى، مثل محور “السخنة – الإسكندرية” الذي يربط بين البحرين الأحمر والمتوسط، ومشروع القطار الكهربائي السريع الذي يربط الميناء بالعاصمة الإدارية الجديدة وبشبكة النقل القومية، فضلًا عن ارتباطه المباشر بالمناطق الصناعية بمحور قناة السويس التي تستفيد من الميناء كبوابة رئيسية للتصدير والاستيراد.
ولا يقتصر المشروع على البنية التحتية وحسب، بل يعكس بعدًا تنمويًا ووطنيًا مهمًا، إذ يسهم في نقل الخبرات وتوطين صناعة الموانئ والتكنولوجيا، ويوفر آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة.
كما يعظم من عوائد الاقتصاد القومي من خلال زيادة الصادرات وتقليل زمن دوران السفن، ويدعم استراتيجية الدولة للتحول إلى مركز إقليمي للنقل البحري والخدمات اللوجستية.
ومع اقتراب الانتهاء من أعمال التطوير، تستعد مصر لمرحلة جديدة من المنافسة العالمية في قطاع النقل البحري واللوجستيات، حيث يُتوقع أن يصبح ميناء السخنة قاطرة للتنمية الاقتصادية ومركزًا محوريًا على خريطة التجارة العالمية.