سجل الذهب قفزة تاريخية جديدة، ليبلغ أعلى مستوى له على الإطلاق، في وقتٍ يشهد فيه الاقتصاد الأمريكي حالة من الشلل السياسي بسبب استمرار الخلافات بين مجلسي الكونجرس حول موازنة الحكومة، ما يزيد من احتمالات الإغلاق الحكومي.
ويأتي هذا الارتفاع القياسي في ظل ترقب الأسواق العالمية لقرارات البنك الفيدرالي الأمريكي بشأن أسعار الفائدة، حيث تشير التوقعات شبه المؤكدة إلى اتجاه البنك نحو مزيد من التخفيض خلال الأشهر المقبلة، وهو ما عزز الطلب على المعدن النفيس باعتباره ملاذًا آمنًا في أوقات عدم اليقين الاقتصادي.
ويعكس هذا المشهد المتشابك بين الجمود السياسي والضبابية الاقتصادية استمرار حالة القلق في الأسواق العالمية، ويدفع المستثمرين نحو الأصول الآمنة، وعلى رأسها الذهب، الذي يواصل تحطيم الأرقام القياسية منذ بداية العام بدعم من البنوك المركزية وصناديق الاستثمار الكبرى.

أسعار الذهب اليوم
شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا ملحوظًا خلال تعاملات اليوم الثلاثاء، حيث صعد السعر الفوري بنسبة 0.3% ليصل إلى 3971.90 دولارًا للأونصة، بعدما لامس في وقت سابق أعلى مستوى تاريخي عند 3977.19 دولارًا. كما ارتفعت العقود الآجلة الأمريكية لتسليم ديسمبر المقبل بنسبة 0.5% مسجلة 3998.20 دولارًا للأونصة.
ويأتي هذا الارتفاع مدفوعًا بتنامي المخاوف من استمرار أزمة الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة دون حل قريب، إضافةً إلى رهانات الأسواق على خفض الفائدة خلال الأشهر المقبلة.
توقعات خفض الفائدة تدعم الذهب
أوضح كبير محللي الأسواق في شركة أواندا، كلفن وونج، أن احتمالات خفض الفائدة في أكتوبر وديسمبر تتجاوز 80%، مما يشكل دعمًا قويًا لأسعار الذهب، خاصة في ظل غياب أي توافق سياسي داخل الكونجرس الأمريكي.
وفي المقابل، أشار جيف شمد، رئيس الفيدرالي في كانساس سيتي، إلى أنه لا يفضل مزيدًا من التخفيضات في معدلات الفائدة، مؤكدًا أن أولوية البنك المركزي الأمريكي يجب أن تظل موجهة نحو مكافحة التضخم المرتفع، بدلاً من القلق بشأن ضعف سوق العمل.
ورغم هذا الموقف المتحفظ، تُسعّر الأسواق حاليًا خفضين إضافيين بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماعي أكتوبر وديسمبر، مع احتمالات تبلغ 95% و83% على التوالي وفقًا لأداة “فيد ووتش” التابعة لمجموعة “سي إم إي”.
الذهب ملاذ آمن في أوقات الاضطراب
يُعرف الذهب بأنه ملاذ استثماري آمن خلال فترات الاضطراب السياسي والاقتصادي، ولا سيما في بيئة معدلات الفائدة المنخفضة. وقد ارتفع المعدن النفيس منذ بداية العام بنسبة 51%، مدفوعًا بعدة عوامل رئيسية، أبرزها:
- زيادة مشتريات البنوك المركزية حول العالم.
- تدفقات قوية إلى صناديق المؤشرات المدعومة بالذهب.
- تراجع قيمة الدولار الأمريكي.
- تصاعد التوترات التجارية والجيوسياسية عالميًا.
توقعات مستقبلية لأسعار الذهب
في ضوء هذه المعطيات، رفع بنك جولدمان ساكس توقعاته لسعر الذهب في ديسمبر 2026 إلى 4900 دولار للأونصة، مقارنة بتقدير سابق عند 4300 دولار، مشيرًا إلى استمرار التدفقات القوية نحو صناديق الاستثمار الغربية، إلى جانب المشتريات المكثفة من قبل البنوك المركزية، خصوصًا في آسيا والشرق الأوسط.
أسعار المعادن النفيسة الأخرى
في المقابل، شهدت المعادن الأخرى تحركات محدودة؛ إذ تراجع سعر الفضة الفوري بنسبة 0.1% ليصل إلى 48.49 دولارًا للأونصة، كما انخفض البلاتين بنسبة 0.4% مسجلًا 1619.62 دولارًا للأونصة، بينما ارتفع البلاديوم بشكل طفيف بنسبة 0.1% إلى 1325.71 دولارًا للأونصة.




















